Breadcrumb
الأمم المتحدة في عامها الـ80: ما الذي حققته؟

منذ تأسيسها وحتى اليوم، كانت الأمم المتحدة في صميم التعاون العالمي. الخبيرة في شؤون الأمم المتحدة ناتالي ساماراسينغ، تتحدث في هذا المقال والفيديو عن أهم إنجازات الأمم المتحدة على مدى ثمانية عقود، بدءا من حفظ السلام وصولا إلى القضاء على الجدري، والنهوض بحقوق المرأة، وصياغة الأهداف الإنمائية للألفية وأهـداف التنمية المستدامة واتـفاق باريس للمناخ.
"في أعقاب الحرب العالمية الثانية، كانت الأمم المتحدة حقا تعبر عن الأمل. وكانت ولادة المجتمع الدولي كما نعرفه اليوم. كانت هذه هي المرة الأولى التي تتولد لدينا فيها توقعات بشأن شيء يدعى الإنسانية المشتركة،
وأن لدينا قوانين ومعايير عالمية، وأن المجتمع الدولي يجب أن يتحد ويعمل معا على حل المشاكل التي نواجهها.
أعتقد أنه بالنسبة للناس يمثل ذلك فكرة وجود مشروع عالمي وأن لكل شخص نصيبا فيه. ربما يكون ذلك أكبر إنجاز في السنوات الأولى، بخلق تلك التوقعات التي حاولت الأمم المتحدة والدول والشعوب الارتقاء إليها منذ ذلك الحين.
حقوق الإنسان
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان هو وثيقة تضفي طابعا شخصيا على وعد الأمم المتحدة للأفراد. يجسد فكرة أن لدينا إنسانية مشتركة، ومسؤولية مشتركة تجاه بعضنا البعض. الأمر يتعلق حقا بالقول إنني أتأثر بطريقة مباشرة جدا بانتهاكات الحقوق التي تقلل من شأن شخص ما في بلد بعيد. وهذا يتيح قدرا من الأمل في حماية العدالة والحقيقة.
حفظ السلام
في تلك السنوات الأولى، كان حفظ السلام يتعلق إلى حد كبير بمراقبة اتفاق للهدنة أو انسحاب القوات.
هذا هو النموذج الذي حقق نجاحا كبيرا، وساعد في تحقيق السلام في أماكن مثل ناميبيا والسلفادور وكولومبيا وسيراليون.
لكنني أعتقد اليوم أنه نموذج أصبح أصعب في التنفيذ. ومن الصعب أيضا إيجاد تمويل لتلك البعثات.
إننا ننفق حوالي 7.5 مليار دولار يوميا على الحرب وعلى جيوشنا. وننفق ذلك المبلغ خلال عام على حفظ السلام في جميع أنحاء العالم.
القضاء على الجدري
القضاء على الجدري يُعد إنجازا فارقا للأمم المتحدة. كان الأمر يتعلق بإشراك المجتمع العلمي لتطوير لقاح، ولكن أيضا بكيفية إنتاج ذلك بكميات كبيرة، كيفية تخزينه ونقله. كانت مسألة لوجستية.
وكان يتعين وجود، ليس فقط أطباء وممرضين، بل وأيضا عاملين مجتمعيين. لقد كان مجهودا كاملا من المجتمع.
وأعتقد أن هذا يمثل ما يمكن للأمم المتحدة القيام به في أفضل حالاتها على الإطلاق.
حقوق المرأة
كان دور الأمم المتحدة في تعزيز حقوق المرأة وتمكينها والمساواة الجنسانية، تحويليا حقا. في عام 1995، عُقد مؤتمر الأمم المتحدة التاريخي المعني بالمرأة واعتمدت خلاله الدول ما يسمى منهاج عمل بيجين.
إذا نظرنا إلى الملايين الإضافية من الفتيات اللواتي لا يذهبن إلى المدرسة فحسب، بل يكملن 12 عاما من التعليم.
ونظرنا إلى الاهتمام الذي يوليه الناس الآن لقضايا مثل العبودية الحديثة والاتجار بالبشر والعنف الجنسي أثناء الصراعات، سنجد أن هناك تطورات هائلة شهدناها على مدى عقود من حيث محو الأمية والإدماج السياسي والاندماج الاقتصادي. أعتقد أنها كانت تحويلية حقا.
الحرب الباردة، ظلت باردة
أحد الانتقادات التي نسمعها تُوجه إلى الأمم المتحدة هو أنها منتدى للنقاش. أعتقد في الواقع أن هذه واحدة من أهم وظائفها. إنها واحدة من الأماكن القليلة التي يمكن فيها للبلدان الاستمرار في التجمع والتفاعل، بغض النظر عن مدى سوء علاقاتها الثنائية أو أي قضايا تواجهها.
يدفعها ذلك إلى العمل معا. وأعتقد أن ذلك منع في عدد من الأحيان الأمور من أن تصبح سيئة للغاية، وربما منع نوعا من المواجهة النووية.
حقيقة أن الحرب الباردة ظلت باردة أمر يمكننا أن ننسب الفضل فيه للأمم المتحدة.
التنمية
كانت الأهداف الإنمائية للألفية تحويلية على العديد من المستويات. هناك سلسلة من الأهداف المحددة للغاية التي يمكن للبلدان أن تتحد حولها.
وهذا يعني أنهم يستطيعون مواءمة أولوياتهم ومواردهم الوطنية مع المسعى العالمي. حقيقة أن هناك أهدافا واضحة وقابلة للقياس تعني أيضا أن الناس في تلك البلدان يمكنهم بعد ذلك مساءلة حكوماتهم بطريقة محددة جدا بالإشارة إلى إطار دولي.
انخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع إلى النصف. نما الوصول إلى المدرسة بشكل كبير، وأصبح لدينا ملايين آخرون في المدرسة. وتم خفض وفيات الأمهات.
أعتقد أننا رأينا ما يمكن أن يحققه الدفع المنسق حول بعض القضايا المحددة للغاية.
وفي العقد الماضي شهدنا اتفاق باريس بشأن تغيّر المناخ وأهداف التنمية المستدامة. وأعتقد أن أهداف التنمية المستدامة كانت واحدة من النقاط البارزة في العقد الماضي.
لقد مثلت إرادة الحكومات في العمل معا، ولكنها كانت أيضا عملية تشاور ومشاركة عامة ضخمة. إن الناس يهتمون بما يتم الاتفاق عليه في الأمم المتحدة.
وأعتقد أن معظم الناس يعرفون أن حكومتهم لا تستطيع حل مشكلة تغير المناخ، ويعرفون أن أشياء مثل المعلومات الخاطئة والأوبئة، تعبر الحدود ولا توجد طريقة يمكن لحكومتهم أن تواجه ذلك بمفردها.
جائحة كوفيد -19
رأينا بعضا من ذلك مرة أخرى خلال جائحة كوفيد-19، عندما اجتمعت بالفعل أقسام مختلفة من المجتمعات، وأجزاء مختلفة من الأمم المتحدة لتقول إن هذه هي خطة عملنا لوقف انتشار الجائحة، وإجراء الفحوصات، وتطوير اللقاحات، ولكن أيضا كيفية الاستجابة للأثر الاقتصادي والتأثير الاجتماعي لهذه الأزمة.
لذا مرة أخرى، أعتقد أنه كان مثالا جيدا حقا لما يمكن أن تحققه الأمم المتحدة. وطالما كانت هناك حاجة، فنحن بحاجة إلى منظمة مثل الأمم المتحدة يمكنها العمل ليس فقط على هذه القضايا الفردية، ولكن أن تنظر في الروابط بينها.
الأمم المتحدة لا تزال رمزا لآمال الشعوب
في نهاية المطاف، يتعين على الحكومات أن تقدم خدماتها لشعوبها. والأمم المتحدة، التعددية، هي أدوات للحكومات لتتمكن من العمل من أجل شعوبها.
لا تزال الأمم المتحدة ترمز إلى آمال الناس. فعلت ذلك في عام 1945 وهي تفعل ذلك اليوم. هناك إنسانية مشتركة. وهناك أمل في أن تسير الأمور بشكل أفضل مما هي عليه الآن.
إنها سمة إنسانية للغاية، أن تكون لدينا القدرة على الأمل والإرادة للعمل معا. وهذا في الأساس ما تمثله الأمم المتحدة. إنها طريقة للناس لوضع أملهم في شيء أكبر منهم يربطنا جميعا".