تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

بعد اعتماد قرار لتعزيز تسوية النزاعات سلميا، غوتيريش يدعو لتجديد الالتزام بروح التعددية عبر الدبلوماسية

قاعة مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
UN Photo/Loey Felipe
قاعة مجلس الأمن الدولي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك.
قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إن الدبلوماسية، رغم أنها لم تنجح دائماً في منع الصراعات والعنف وعدم الاستقرار، إلا أنها 'لا تزال قادرة على إيقافها'، مشددا على أن التعاون القائم على المصالح المشتركة والصالح العام، هو السبيل المستدام للسلام.

جاء هذا في الإحاطة التي قدمها الأمين العام أمام النقاش المفتوح رفيع المستوى في مجلس الأمن الدولي اليوم الثلاثاء حول موضوع "تعزيز السلم والأمن الدوليين من خلال التعددية والتسوية السلمية للنزاعات".

وقال غوتيريش إن ميثاق الأمم المتحدة أرسى عددا من الأدوات الهامة لبناء السلام، مشيدا بباكستان لتقديم مشروع قرار يحث جميع الدول الأعضاء على الاستفادة الكاملة من هذه الأدوات في إطار السعي الجماعي لتحقيق السلام العالمي. يشار إلى أن باكستان  – التي تترأس مجلس الأمن لشهر تموز/يوليو – قد دعت لعقد هذه الجلسة.

وأضاف الأمين العام قائلا: "هذا الأمر مطلوب الآن أكثر من أي وقت مضى. نشهد في جميع أنحاء العالم تجاهلا تاما للقانون الدولي - إن لم يكن انتهاكات صريحة له - بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي للاجئين، والقانون الدولي الإنساني، وميثاق الأمم المتحدة نفسه، دون أي مساءلة".

الأمين العام أنطونيو غوتيريش يلقي كلمة في اجتماع مجلس الأمن بشأن تعزيز السلام والأمن الدوليين من خلال التعددية والتسوية السلمية للنزاعات.
UN Photo/Manuel Elías

الوضع في غزة كمثال

وحذر أمين عام الأمم المتحدة من اتساع الانقسامات والصراعات الجيوسياسية، مشيرا إلى أن التكلفة باهظة تقاس بالأرواح البشرية، والمجتمعات المُدمَرة، والمستقبل الضائع.

وقال: "لا نحتاج إلى النظر أبعد من مشهد الرعب في غزة - بمستوٍ لا مثيل له من الموت والدمار في الآونة الأخيرة. سوء التغذية في ازدياد. الجوع يطرق كل باب. والآن نشهد الرمق الأخير لنظام إنساني قائم على المبادئ الإنسانية. هذا النظام يُحرم من شروط العمل. يُحرم من مساحة تقديم المساعدة. يُحرم من الأمان لإنقاذ الأرواح. ومع تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية وإصدار أوامر نزوح جديدة في دير البلح، يتراكم الدمار فوق الدمار".

وأعرب الأمين العام عن الفزع إزاء قصف منشآت تابعة للأمم المتحدة في غزة، بما فيها مرافق مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع ومنظمة الصحة العالمية، بما في ذلك المستودع الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية. وقال إن هذا القصف وقع على الرغم من إبلاغ جميع الأطراف بمواقع هذه المنشآت التابعة للأمم المتحدة. وأضاف: "هذه المنشآت مصونة، ويجب حمايتها بموجب القانون الدولي الإنساني، دون استثناء".

ثلاثة مجالات مرتبطة بميثاق المستقبل

وأوضح الأمين العام للأمم المتحدة أن "السلام خيار. ويتوقع العالم من مجلس الأمن الدولي مساعدة الدول على اتخاذ هذا الخيار".

وأشار إلى بعض الأمثلة الملهمة لإيجاد أرضية مشتركة وصياغة حلول للمشاكل العالمية، من مؤتمر إشبيلية لتمويل التنمية، إلى مؤتمر المحيط في نيس، إلى اتفاق التنوع البيولوجي البحري في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية ومعاهدة الجرائم الإلكترونية، وصولا إلى مـيثاق المستقبل الذي اعتُمد العام الماضي.

وقال إنه بالنظر لنقاش اليوم، فإن "هناك ثلاثة مجالات يمكننا فيها الوفاء بدعوة ميثاق المستقبل لتجديد التزامنا - وثقة العالم - بآلية حل المشكلات متعددة الأطراف". وهذه المجالات هي:

أولا، يجب على أعضاء مجلس الأمن، وخاصة أعضائه الدائمين، مواصلة العمل لتجاوز الانقسامات.

ثانيا، ينبغي لمجلس الأمن مواصلة تعزيز التعاون مع الشركاء الإقليميين ودون الإقليميين.

ثالثا، يجب على الدول الأعضاء الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

وختم غوتيريش كلمته بالقول: "مع احتفالنا بالذكرى الثمانين لمنظمتنا والميثاق الذي منحها الحياة ورسم ملامحها، علينا أن نجدد التزامنا بروح السلام التعددية عبر الدبلوماسية".

,

تبني القرار بالإجماع

قبل كلمة الأمين العام، صوت أعضاء مجلس الأمن، بالإجماع، لصالح مشروع قرار قدمته باكستان والذي أصبح القرار رقم 2788.

ويحث القرار جميع الدول الأعضاء على الاستفادة من آليات التسوية السلمية للنزاعات، كما هو مُبين في المادة 33 من ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك التفاوض والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية، واللجوء إلى الوكالات أو الترتيبات الإقليمية، أو غيرها من الوسائل السلمية التي تختارها.

وأكد مجلس الأمن في القرار من جديد دوره - بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة - في التوصية بإجراءات أو أساليب تسوية مناسبة لتسوية المنازعات سلميا، بما في ذلك مراعاة أن الأطراف، كقاعدة عامة، تحيل المنازعات القانونية إلى محكمة العدل الدولية وفقا لأحكام النظام الأساسي للمحكمة.

وحث قرار مجلس الأمن كذلك المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية على تعزيز جهودها الرامية إلى تسوية النزاعات سلميا، بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ويشجع الدول الأعضاء على دعم دور المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية في هذا الصدد، وتعزيز التعاون بين هذه المنظمات والأمم المتحدة.

ويشدد قرار مجلس الأمن على أهمية دمج النهج الشاملة للتسوية السلمية للنزاعات، مع ضمان المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة، والمشاركة الهادفة للشباب في جهود منع نشوب النزاعات وحلها.