تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

خبيرة أممية: عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية الأمريكية يضر بالاقتصاد العالمي

سفينة حاويات تفرغ حمولتها في ميناء جيويا تاورو في إيطاليا.
©MSC shipping
سفينة حاويات تفرغ حمولتها في ميناء جيويا تاورو في إيطاليا.
قالت خبيرة اقتصادية بارزة في الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إن القرار الأمريكي الجديد بتأجيل نهاية فترة تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما "يطيل فترة عدم اليقين، ويقوّض الاستثمارات طويلة الأجل والعقود التجارية، مما يفاقم حالة عدم اليقين والاستقرار".

هذا ما جاء على لسان باميلا كوك-هاميلتون، رئيسة مركز التجارة الدولية، خلال مؤتمر صحفي في جنيف اليوم الثلاثاء، حيث أكدت أن أقل الدول نموا هي من بين الدول التي من المتوقع أن تعاني بشدة من تطبيق هذه الرسوم. وقالت إن الدول "لن تتأثر بالتساوي". فعلى سبيل المثال، تواجه ليسوتو وجمهورية لاو الديمقراطية الشعبية ومدغشقر وميانمار معدلات جمارك تتراوح بين %40 و%50.

كان من المقرر أن تنتهي فترة تعليق الرسوم الجمركية الأمريكية على زيادات ضرائب الاستيراد هذا الأسبوع، إلا أنه تم تمديد القرار ليظل ساريا حتى 1 آب/أغسطس. ومع تأجيل رفع الرسوم الجمركية على الواردات، أفادت التقارير بأن الحكومة الأمريكية أرسلت رسائل إلى 14 دولة تُفصّل الرسوم الجمركية التي ستخضع لها صادراتها اعتبارا من 1 آب/أغسطس.

وأبرزت السيدة كوك-هاميلتون "العواقب الواقعية" الناجمة عن عدم اليقين الاقتصادي على الدول وعلى قطاعات بأكملها. وقالت: " لن تتمكن الشركات من التخطيط إذا لم يكن لديها وضوح بشأن التكاليف التي ستُطلب منها للتصدير أو لجلب سلع معينة إلى سوق معينة".

وفي أحد أبرز الأمثلة، من المقرر أن تواجه ليسوتو، التي تُصدّر ما يقرب من 60% من صادراتها من الملابس إلى الولايات المتحدة، تعريفة جمركية بنسبة %50.

أوضحت رئيسة مركز التجارة الدولية أن الشركتين الرئيسيتين لتصدير المنسوجات والملابس من هذه الدولة الصغيرة الواقعة في جنوب أفريقيا إلى الولايات المتحدة قد امتنعتا عن الاستثمار. وقالت: "إن مستقبل أهم صناعة في البلاد موضع شك، وما يصل إلى عشرات الآلاف من الوظائف معرضة للخطر".

وأبرزت السيدة كوك-هاميلتون التأثيرات المتضافرة للرسوم الجمركية والتخفيضات الدولية في المساعدات الإنمائية، "مما يخلق صدمة مزدوجة للدول النامية".

أكبر خفض في المساعدات منذ 50 عاما

وقالت إن أغنى اقتصادات العالم - المعروفة باسم مجموعة السبع - والتي تمثل مجتمعة حوالي ثلاثة أرباع إجمالي مساعدات التنمية الرسمية، من المقرر أن تخفض إنفاقها على المساعدات بنسبة %28 العام المقبل مقارنة بمستويات عام 2024، فيما سيكون "أكبر خفض في المساعدات منذ تأسيس مجموعة السبع قبل 50 عاما"، مقتبسة عن بيانات منظمة أوكسفام. وحذرت قائلة: "باختصار هناك عاصفة عاتية تلوح في الأفق".

وعندما سُئلت عن العواقب على الاقتصاد الأمريكي، تحدثت رئيسة مركز التجارة الدولية عن "تأثير سلبي" على المدى الطويل، وقالت: "لستُ متأكدةً من الخطة طويلة المدى... ولكن من وجهة نظري في هذه المرحلة، لا أرى أي نجاح يُذكر هنا على المدى الطويل".

في ظلّ سياق التجارة الحالي الذي يتسم بعدم الاستقرار، أشارت السيدة كوك-هاميلتون إلى عدة سبل للنمو في الدول النامية، بما في ذلك الاستثمار في سلاسل قيمة إقليمية أقوى. وأضافت أن منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية على وجه الخصوص لديها القدرة على "تغيير شروط التجارة"، إذ تبلغ التجارة البينية الأفريقية حاليا ما بين %14 و%16 - وستكون هناك آثار تحويلية عندما ترتقع نسبة هذه التجارة البينية إلى ما بين %40 و%50.

وقالت إن هناك فرصة أخرى تتمثل في التحول من الاعتماد على السلع إلى صادرات ذات قيمة أعلى. وقدّرت رئيسة مركز التجارة الدولية أن %43 - أي 109 مليارات دولار - من إمكانات البلدان الأقل نموا بشأن التصدير في قطاع التصنيع غير مُستغلة حاليا.

وأكدت أنه إذا اغتنمت الدول هذه الفرص، فقد تُعيد الرسوم الجمركية الأمريكية تشكيل المشهد التجاري العالمي من خلال "فرض قرارات كان ينبغي اتخاذها منذ زمن طويل"، وهي تعزيز التنويع والتكامل الإقليمي ودخول أسواق جديدة. وقالت خبيرة التجارة الأممية إن هذه التحولات قد تؤدي بالنسبة للدول النامية إلى "تشجيع الاستثمار في نفسها بدلا من الاتكال".

كما سلّطت السيدة كوك-هاميلتون الضوء على أهمية الخطوات الصينية الأخيرة بشأن ضرائب الاستيراد. وقالت: "أعلنت الصين الآن أنها ستمنح أفريقيا وصولا كاملا معفيا من الرسوم الجمركية. هذا تطور كبير جدا ويمكن أن يُغير مجرى الأمور بطريقة لم تكن متوقعة قبل ثلاثة أشهر".