Breadcrumb

"أحياء بلا حياة": نازحون يعيشون بين الأنقاض في غزة

نصبت ليلى وزوجها خياما من الأقمشة والبطاطين التي توفر بعضا من الخصوصية، بين كتل الأسمنت المتهالكة وأسياخ الحديد التي كانت يوما ترفع قواعد مبنى في مدينة غزة مكون من عدة طوابق تحولت إلى ركام.

وقالت لمراسل أخبار الأمم المتحدة في غزة: "كنا نتنقل من مكان لآخر، وفي كل مرة نجد فيها قسطا من الراحة، كان الجيش الإسرائيلي يلقي منشورات أو يطالبنا بالنزوح. تنقلنا في أنحاء بلدة جباليا عدة مرات لينتهي بنا المطاف هنا. نمنا في الشوارع ليلتين متتاليتين، لم نجد أي مأوى".
وكان هذا المبنى بمثابة الملاذ الأخير لليلى وأسرتها وتشرح ذلك لمراسلنا بالقول: "رأينا الناس يفتحون هذا المكان ويزيلون الأنقاض، فجئنا ظانين أنه مأوى مناسب، لكنه في الحقيقة ليس كذلك. أنا وابنتي ننام هنا، وسط جرذان وقوارض وتلوث. هذا ليس مأوى حقيقيا، ولكن لا يوجد مكان أفضل نذهب إليه. ذهبنا إلى البحر، وإلى الميناء، ولكن بسبب اكتظاظ النازحين، لم نجد مكانا. لذلك نصبنا خيمتنا هنا، أنا وزوجي وأولادي وابنتي".
الأمان ليس موجودا، بحسب ما قالته ليلى، كما أن الطعام والماء بالكاد متوفران، وعن ذلك تقول: "هذه أكبر مأساة في غزة".
"لا يوجد مفر"

نفس الظروف مر بها محمد عبد ربه وأسرته الذين وجدوا ملاذا بين أنقاض أحد المباني المدمرة.
وقال محمد لمراسلنا: "نعلم أنه خطير، لكن ليس لدينا خيار آخر. عندما وصلنا، كان ارتفاع الأنقاض ثلاثة أمتار. عملنا ليومين متتاليين لإزالتها حتى نتمكن من العيش هنا. ورغم المخاطر، لا يوجد مفر ".
وكانت سمر عبد ربه تجلس على الركام في نفس المبنى وتعد ما تيسر من طعام لأسرتها، لكنها تعلم مدى خطورة العيش بين الأنقاض.
وقالت سمر لمراسلنا: "إذا وقع أي قصف قريب، فقد ينهار هذا المبنى علينا".
شوارع مكتظة بالنازحين

ولكن "لا خيار" كما أوضح النازح أبو حسام ريحان الذي اضطر إلى العيش في داخل ما كان يوما بنايات متكاملة، لكن ركامها الآن "يأوي أكثر من 50 عائلة جميعهم من جباليا في شمال القطاع".
وقال إنه لم يكن لديهم خيار سوى البقاء بين جنبات هذه المباني المدمرة، "إذ لا يمكن العيش في الشوارع بسبب الاكتظاظ".
ولفت أيضا إلى المعاناة من "نقص الخدمات وانتشار مياه الصرف الصحي في الشوارع، مما يهدد بكارثة صحية ويضر بالناس".
ومنذ 18 آذار/مارس الماضي، لجأ العديد من النازحين إلى أي مكان متاح، بما في ذلك مراكز إيواء مؤقتة ومواقع مكتظة ومباني مدمرة وشوارع ومناطق مفتوحة في الوقت الذي لا يوجد مكان آمن يتوجهون إليه، وفقا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).
وقال المكتب إن السكان محاصرين في أماكن آخذة في التضاؤل بعدما أمسى نحو 82 بالمائة من مساحة قطاع غزة الآن تقع داخل مناطق عسكرية إسرائيلية أو تخضع لأوامر النزوح منذ ذلك التاريخ.