تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الدول الجزرية الصغيرة تقود نداء عاجلا لحماية المحيطات في ختام قمة نيس

الصيادون في غرينادا.
PROCARIBE+ project
الصيادون في غرينادا.
عشية اختتام مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيط في نيس يستعد المندوبون لاعتماد الإعلان السياسي للقمة. وتسعى الدول الجزرية الصغيرة النامية جاهدة لضمان إدراج وجهات نظرها في السياسة العالمية للمحيطات، حيث إنها تواجه الآثار المباشرة لتغير المناخ وتراجع الموارد البحرية.

في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، قال لي جونهوا، وكيل الأمين العام للشؤون الاقتصادية والاجتماعية إن الأيام الأربعة الماضية تميزت بشعور نادر بالتضامن حول الهدف 14 من أهـداف التنمية المستدامة – الذي يتعلق بحماية الحياة تحت الماء. وقال إن ذلك "دليل حقيقي على تأثير هذا المؤتمر على مستقبل محيطاتنا".

إلحاح غير مسبوق

من المتوقع أن يختتم المؤتمر المنعقد منذ يوم الاثنين على ساحل كوت دازور الفرنسي باعتماد حزمة قرارات متفق عليها تهدف إلى ضمان مستقبل محيطات العالم.

ويستعد المندوبون لإقرار إعلان سياسي، إلى جانب مجموعة شاملة من الالتزامات الطوعية من الدول المشاركة في سياق ما يسمى بـ "خطة عمل نيس للمحيطات".

خضع الإعلان السياسي المُعنون "محيطنا، مستقبلنا: متحدون من أجل عمل عاجل"، لأربع جولات من المفاوضات الحكومية الدولية المكثفة في مقر الأمم المتحدة بنيويورك منذ كانون الثاني/يناير، إلى جانب مشاورات غير رسمية مع وفود رئيسية ومنظمات المجتمع المدني.

في صميم أهداف المؤتمر - حشد الجهود لحماية النظم البيئية البحرية وإدارتها بشكل مستدام - تشير مسودة الإعلان إلى تحول ملحوظ، حيث تؤكد على حالة من الإلحاح غير مسبوقة.

يدعو مشروع الإعلان إلى اتخاذ تدابير فورية وتحويلية لحماية المحيطات، مما يعكس المخاوف المتزايدة بشأن تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، واستنزاف الموارد البحرية.

بالإضافة إلى ذلك، يحدد التدابير اللازمة لحماية النظم البيئية البحرية وتعزيز الاقتصادات المستدامة القائمة على المحيطات. كما يؤكد على تسريع العمل، ويشدد على أن الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة لا يزال من بين أهداف الأمم المتحدة الأقل تمويلا. ولدفع المبادرات العالمية المتعلقة بالمحيطات قدما، يدعو مشروع الإعلان إلى توفير تمويل كبير وسهل المنال، والوفاء بالالتزامات القائمة بموجب الاتفاقيات الدولية.

يسلط مشروع الإعلان الضوء على الروابط الوثيقة بين المحيطات والمناخ والتنوع البيولوجي، ويحث الدول على التنفيذ الكامل لاتفاقية التنوع البيولوجي. كما يؤكد مجددا الالتزام باتفاقية دولية ملزمة قانونا بشأن تلوث البلاستيك، مشددا على ضرورة اتباع نهج شامل يتناول البلاستيك على مدى دورة وجودها.

المفاوضات النهائية جارية، وسنقدم لكم غدا تقريرا عما إذا كانت الدول قد توصلت إلى توافق في الآراء لمعالجة حالة الطوارئ العالمية في المحيطات، وتحويل عقود من التعهدات إلى حماية بحرية فعالة.

صفية سوني، المبعوثة الخاصة وسفيرة المناخ لحكومة غرينادا.
UN News/Heyi Zou
صفية سوني، المبعوثة الخاصة وسفيرة المناخ لحكومة غرينادا.

أهمية أصوات الجزر الصغيرة

وللدول الجزرية الصغيرة دور رئيسي في صياغة الإعلان. بصفتها مجتمعات أكثر عرضة لارتفاع منسوب مياه البحار وتدهور البيئة البحرية، فإن خبرتها المباشرة وقيادتها ضرورية لصياغة سياسة محيطات فعّالة وشاملة.

وقالت صفية سوني، المبعوثة الخاصة وسفيرة غرينادا لشؤون المناخ، لأخبار الأمم المتحدة إنها سعيدة برؤية الإشارة في مسودة الوثيقة الختامية إلى أجندة أنتيغوا وبربودا للدول الجزرية الصغيرة النامية، التي اعتمدت خلال المؤتمر الدولي الرابع للدول الجزرية الصغيرة النامية في أيار/مايو 2024.

وأضافت السيدة سوني أن إدراج أجندة أنتيغوا وبربودا في الإعلان السياسي لمؤتمر المحيط يشير إلى وحدة متنامية بين الدول الجزرية. وأكدت أنه على الرغم من التحديات العديدة، فإن الجزر الصغيرة ملتزمة بتنفيذ جميع الالتزامات بموجب هي الأجندة، مما يظهر عزمها على ترجمة هذه الالتزامات إلى أفعال.

وأضافت: "جزء كبير من تراثنا وثقافتنا واقتصادنا مستمد من المحيط، وبالتالي لا يمكننا أن نقبل بإصدار إعلان بشأن المحيط دون الدول الجزرية الصغيرة النامية".

لا مساومة على الطبيعة

وفيما يتعلق بعملية التفاوض على مسودة الإعلان، قالت السيدة ساوني إن غرينادا ووفودا أخرى في تحالف الدول الجزرية الصغيرة أكدت أنها تستفيد من قوتها وخبرتها في محادثات المناخ السابقة، وتطبق ذلك على مجال المحيطات.

وأضافت: "جزء من التعددية السليمة هو إدراك ضرورة التنازل، إلا أن الشيء الوحيد الذي لا يمكننا التنازل عنه هو الطبيعة".

ولضمان "قدرتنا جميعا على النجاح معا في دعم أجندة المحيط هذه"، أشارت إلى أن "هناك بعض الدول التي تحتاج إلى بذل جهود أكبر من غيرها". وأضافت أن الدول الجزرية الصغيرة النامية تطلب من هذه الدول إظهار ريادتها، ليس فقط من خلال التعويضات أو التمويل، بل من خلال "العمل الفعلي".

ممثلون من منطقة البحر الكاريبي.
Ocean Coordination Mechanism Secretariat
ممثلون من منطقة البحر الكاريبي.

الحكومات الكاريبية تتحد

وقالت السيدة ساوني إن الدول الجزرية الصغيرة النامية، التي تطلق على نفسها اسم "دول المحيط الكبيرة" في هذا المؤتمر، تحشد جهودها ليس فقط للمشاركة في أجندة المحيطات العالمية، بل أيضا لتشكيلها. من بين هذه الجهود، تحرص حكومات منطقة البحر الكاريبي على إظهار وحدتها السياسية وطموحها الإقليمي طوال فترة المؤتمر.

ففي اليوم الافتتاحي لمؤتمر المحيط، أطلقت رسميا مبادرة "العمل الأزرق: الرؤية الكاريبية للمحيط 30x30". وتعكس هذه الرؤية نداء عاجلا من القادة السياسيين الكاريبيين لتعزيز المناصرة الإقليمية الجماعية بما يتماشى مع إطار كونمينغ-مونتريال العالمي للتنوع البيولوجي، بالإضافة إلى الهدف 14 من أهداف التنمية المستدامة.

وأوضحت السيدة ساوني: "مع انضمامنا إلى مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيط، أيدنا 12 حكومة كاريبية، بما فيها دول مستقلة وأقاليم، وحصلنا على توقيع إضافي وتعبير عن الاهتمام من ثلاث حكومات مختلفة".

تغيير مسار الاعتماد المفرط

مستشهدة بمبادرة تحدي منطقة البحر الكاريبي لعام 2008 التي عززت حماية ما يقرب من 49 ألف كيلومتر مربع من المناطق البحرية المحمية في المنطقة، قالت السيدة ساوني إن جزءا مما تفعله الرؤية التي أُطلقت حديثا هو تذكير المجتمع الدولي بأننا "سنواصل العمل، وسنواصل الحضور، ونقدر حقا مساعدتهم".

ووصفت منطقة البحر الكاريبي بأنها "محدودة القدرات"، إلا أنها أشارت إلى اعتماد المنطقة المفرط على المساعدات الخارجية والخبراء.

وقالت إن المنطقة تسعى "لتغيير المسار"، مؤكدة على أهمية إعلام المانحين بأن المنطقة ملتزمة جدا ببناء قدراتها الخاصة وامتلاك زمام تنفيذ برامجها.

ونظرا لأن مؤتمر الأمم المتحدة الثالث للمحيط يمثل فرصة مهمة لإيصال هذه الرسالة، فقد صرّحت السيدة ساوني بأن جزر الكاريبي لا تتطلع فقط إلى نهاية المؤتمر، بل إلى ما سيحدث بعد ذلك، وقالت: "العمل الحقيقي يبدأ بعد انتهاء كل هذا".