تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأمم المتحدة تكرّم 168 من موظفيها الذين ضحوا بحياتهم خدمة للإنسانية

تنكيس علم الأمم المتحدة في المقر الدائم في نيويورك، حدادا على أرواح من لقوا مصرعهم في حادث تحطم طائرة شركة الطيران الإثيوبية يوم الأحد 10 مارس آذار 2019.
UN Photo/Manuel Elías
تنكيس علم الأمم المتحدة في المقر الدائم في نيويورك، حدادا على أرواح من لقوا مصرعهم في حادث تحطم طائرة شركة الطيران الإثيوبية يوم الأحد 10 مارس آذار 2019.
كرّمت الأمم المتحدة اليوم الخميس 168 امرأة ورجلا فقدوا حياتهم أثناء أداء الواجب في عام 2024، بينهم 125 شخصا كانوا يعملون في وكالة الأونروا. وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنهم "جسدوا جوهر مهمتنا"، وضّحوا بكل شيء "في سبيل تحقيق السلام والعدالة والكرامة الإنسانية".

جاء ذلك خلال مراسم التأبين السنوية التي أقيمت في مقر الأمم المتحدة في نيويورك بمشاركة عائلات لموظفين لقوا مصرعهم. وقال أنطونيو غوتيريش في كلمة ألقاها في الفعالية إنهم لم يكونوا مجرد زملاء أعزاء، بل كانوا أبناء وبنات، أزواجا وزوجات، آباء وأمهات، إخوة وأخوات. 

وقدّم خالص التعازي لعائلاتهم، مؤكدا أن "قلوبنا وأفكارنا معكم. حزنكم هو حزن أسرة الأمم المتحدة بأكملها. حزنكم هو حزننا". ودعا الحضور إلى الوقوف دقيقة صمت تكريما لمن سقطوا.

خسائر غير مسبوقة في غزة

وقال الأمين العام إن "السنوات الأخيرة كانت مدمرة لأسرة الأمم المتحدة"، مشيرا إلى "خسائر لا تُوصف وغير مسبوقة في غزة". ففي العام الماضي وحده، "قُتل 126 من زملائنا في غزة، من بينهم 125 امرأة ورجلا يعملون في الأونروا. بعضهم قُتل أثناء تقديم المساعدات المنقذة للحياة، بينما قتل آخرون إلى جانب عائلاتهم، أو أثناء حماية الضعفاء".

وقال غوتيريش إن هذا العدد يمثل "أعلى حصيلة لوفيات الموظفين في تاريخ الأمم المتحدة"، مشيرا إلى مقتل أكثر من موظف واحد من بين كل 50 موظفا في الأونروا في غزة خلال هذا الصراع الفظيع. وجدد غوتيريش دعوته للمساءلة الكاملة.

مع تدهور الوضع في غزة، تواصل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) تقديم الخدمات الصحية الأساسية.
© UNRWA

دافعهم السلام وتخفيف المعاناة

وأكد الأمين العام أن هؤلاء الموظفين كان دافعهم السعي نحو السلام، والحاجة إلى تخفيف المعاناة الإنسانية، وضمان الكرامة للجميع. وقد جاءوا من جميع أنحاء العالم، ممثلين لـ 31 جنسية، وعملوا في مهن متنوعة: "معلمين، مهندسين، أطباء، وإداريين. كانوا عسكريين وشرطيين ومدنيين. كانوا عاملين في المجال الإنساني، وحفظة سلام، وصناع سلام، وغير ذلك الكثير".

وتابع الأمين العام قائلا: "عندما اندلع الصراع، عملوا من أجل السلام... عندما ضرب العنف والكوارث، قدموا المساعدة المنقذة للحياة... عندما انتهكت حقوق الإنسان، دعموا الناس... وعندما احتاج الضعفاء للمساعدة، عملوا لضمان عدم ترك أحد خلف الركب".

ليست مجرد وظيفة

وقال الأمين العام إن عمل موظفي الأمم المتحدة يتجاوز كونه مجرد وظيفة. "إنه نداء"، مشيرا إلى أن كافة زملائنا الذين سقطوا استجابوا لنداء خدمة الإنسانية. "فعلوا ذلك بطرقهم الخاصة – دون ضجة – وبتصميم. لقد مثلوا الإنسانية في العمل".

واختتم الأمين العام كلمته بالقول: "دعونا نستلهم من حياتهم. دعونا نلتزم بتقديم الدعم والمواساة لعائلاتهم. دعونا نواصل العمل لتحسين سلامة ورفاه موظفينا. ودعونا نتعهد بأن ذكرى ومهمة زملائنا الذين سقطوا ستدوم. لقد كانوا الأفضل بيننا. فليعيشوا من خلال عملنا".

وأوقد الأمين العام شمعة تكريما للضحايا الـ 168 الذين سقطوا أثناء أداء الواجب ومن ثم تمت تلاوة أسمائهم جميعا والوظائف التي كانوا يشغلونها قبل وفاتهم.

تذكير بالمسؤولية ورفض الإفلات من العقاب

وبينما "نحزن على من فقدناهم"، أكد الأمين العام على ضرورة "تقدير الأحياء - الآلاف من موظفي الأمم المتحدة الذين يخدمون حول العالم حاليا، ويؤدون المهام الموكلة إليهم من قبل الدول التي تُشكل الأمم المتحدة".

وأشار في حديث للصحفيين في نيويورك، قبيل الفعالية، إلى أن هؤلاء الموظفين "لا يسعون للاعتراف (بعملهم)، بل يسعون لإحداث فرق". ووجه رسالة  إلى موظفي الأمم المتحدة الذين ما زالوا يخدمون في مناطق الأزمات، قائلا: "شجاعتكم تجعلنا نشعر بالتواضع. صمودكم يُلهمنا".

أما للعالم، فقد وجه الأمين العام رسالة قال فيها: "لن نصاب بالخدر تجاه المعاناة. لن نقبل بقتل موظفي الأمم المتحدة. لن نقبل بقتل العاملين في المجال الإنساني، الصحفيين، العاملين في المجال الطبي، أو المدنيين باعتباره أمرا طبيعيا جديدا في أي مكان وتحت أي ظروف. يجب ألا يكون هناك مجال للإفلات من العقاب".

وحيا الأمين العام "كل فرد في أسرة الأمم المتحدة"، قائلا إنه "لشرف العمر أن أخدم إلى جانبهم". واعترف بأن هذه "أوقات عصيبة للتعاون الدولي، وقد يكون من الشائع في بعض الأوساط تجاهل التعددية، وقد تكون المساهمات المالية موضع شك - لكن تفاني موظفينا ليس كذلك".

كما دعا الأمين العام إلى أن نستلهم من العمل الذي يؤديه، يوميا، من يحملون إرث من مضوا ويمضون به قدما. وأكد مجددا: "لن نحيد عن مبادئنا. لن نتخلى عن قيمنا. ولن نستسلم أبدا".