Breadcrumb

تكريم حفظة السلام في يومهم الدولي، تصميم على مواجهة التحديات وإشادة بالتضحيات الجسام

عند أحد المداخل الرئيسية لمقر الأمم المتحدة في نيويورك، اصطف 33 من حفظة السلام العسكريين والشرطيين من 19 دولة خلال حفل لتلقي ميداليات تكريما لجهودهم في خدمة السلام في أفرع مختلفة في مقر الأمم المتحدة.
وقام بتسليم الميداليات وإلقاء كلمات في المناسبة كل من وكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيير لاكروا، ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة للدعم العملياتي أتول كاري، والمستشارة العسكرية لعمليات حفظ السلام للأمم المتحدة بالإنابة الجنرال شيريل بيرس، ومستشار شرطة الأمم المتحدة فيصل شاكار.
لاكروا أعرب عن أمله في كلمته قبل تسليم الميداليات في أن "ننجح معا في مواجهة التحديات التي تواجه عملياتنا، من تحسين السلامة والأمن إلى مكافحة التضليل الإعلامي وتعزيز التكامل".
أما المستشارة العسكرية لعمليات حفظ السلام بالإنابة فأشادت "بالتضحيات الجسام التي يقدمها حفظة السلام في سبيل قضية السلام النبيل".
المستشار الشرطي للأمم المتحدة لفت إلى أن المخاطر التي يتعرض لها حفظة السلام في ازدياد مستمر، بما في ذلك الهشاشة الناجمة عن الجماعات المسلحة غير الحكومية، والهجمات غير المتكافئة، والجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والتقنيات الحديثة، والمعلومات المضللة والمغلوطة، وأزمة المناخ.
وأكد أن شعبة الشرطة في الأمم المتحدة مستمرة في تطوير المبادرات الرامية إلى "تحسين أمن حفظة السلام، مع التصدي للإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضدهم".
بدوره، شدد ووكيل الأمين العام للدعم العملياتي على ضرورة "أن تتوفر لجميع قوات حفظ السلام الأممية الموارد اللازمة لحماية الفئات المستضعفة وتعزيز السلام والحفاظ عليه".
رمز مهم
وفي وقت لاحق من اليوم، وضع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إكليلا من الزهور على نصب تذكاري تكريما لأرواح أكثر من 4400 من حفظة السلام العسكريين والشرطيين والمدنيين الذين لقوا حتفهم أثناء تأدية واجبهم منذ أن نشرت الأمم المتحدة أول بعثاتها عام 1948، بمن فيهم 57 فردا في عام 2024 وحده.
وبعدها قدم الأمين العام ميدالية داغ همرشولد تكريما لمن جادوا بحياتهم خلال العام الماضي أثناء تأدية واجبهم في بعثات حفظ السلام بمختلف أنحاء العالم.
كما قدم جائزة مناصرة النوع الاجتماعي في صفوف العسكريين، وجائزة أفضل ضابطة شرطة في الأمم المتحدة لعام 2024.
وقبل إلقاء كلمته وتسليم الميداليات والجائزتين، طلب الأمين العام من الحضور الوقوف دقيقة صمت، تكريما لذكرى "النساء والرجال الشجعان الذين قضوا بعيدا عن أوطانهم وأحبائهم، أثناء خدمتهم لأكثر قضايا الإنسانية نبلا".
وأكد غوتيريش أن حفظة السلام هم "رمز مهم" لأفضل ما تجسده الأمم المتحدة، حيث ساهموا في تحسين حياة ملايين الأشخاص، وحماية الناس، والحفاظ على السلام، ومنح الأمل.
وكان أمين عام الأمم المتحدة قال في رسالته بمناسبة اليوم الدولي لحفظة السلام إن التحدي الذي يواجه حفظ السلام اليوم، هو "فرصة لتحليل ما يجعل عمليات حفظ السلام تنجح، ولتحسين فهمنا لما يعيق تلك العمليات، وللمساعدة في تصميم نماذج جديدة وجهتها المستقبل وعمادها الحلول السياسية، يُرصد لها من الموارد ما يكفي، وتُسند لها ولايات ممكنة الإنجاز، وتوضع لها استراتيجيات خروج واضحة".
دور حاسم للمرأة
وتحدث الأمين العام عن "الدور الحاسم" للمرأة في حفظ السلام، مشيرا إلى قرار مجلس الأمن رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن الذي اعتمد قبل 25 عاما.
وقال غوتيريش: "بعد ربع قرن من الزمان، إنها لحقيقة مؤسفة أن المرأة لا تزال تُستبعد وتُهمّش بشكل روتيني من عمليات السلام. بذلت الأمم المتحدة جهودا حثيثة لتغيير هذه الأوضاع".
وكانت الأمم المتحدة أعلنت قبل أيام فوز الضابطتين شارون سيم من غانا وزينب غبلا من سيراليون بأرفع جوائزها العسكرية والشرطية لعام 2024، وذلك تقديرا لجهودهما الاستثنائية في تمكين النساء، وتعزيز المساواة، وبناء جسور الثقة بين بعثة الأمم المتحدة والمجتمعات المحلية في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان.
وأشاد الأمين العام بالضابطة شارون سيم لدورها الذي ساعد على فهم مخاوف النساء والفتيات بشكل أفضل، وصياغة الحلول الممكنة، الأمر الذي لعب دورا حيويا في تمكين قوة حفظ السلام من الاستجابة لاحتياجات المجتمع المحلي، فضلا عن قيامها بحملة مكثفة للمجتمع المحلي حول العنف القائم على النوع الاجتماعي وإنهاء زواج الأطفال.
ووجه إشادة مماثلة للضابطة زينب غبلا التي بادرت بإطلاق برنامج مدرسي للأطفال وآخر إرشاديا للفتيات، كما أطلقت مشاريع لتوفير دخل مستدام للنساء.

تجسيد للعمل الدؤوب
الضابطة شارون سيم شددت على أهمية التدريب على دمج منظور النوع الاجتماعي في عمليات حفظ السلام، والذي يعمل على خلق بيئة أكثر فعالية وشمولية، و"لزيادة الوعي بأن النوع الاجتماعي للجميع، وليس فقط للنساء والأطفال".
وناشدت جميع أفراد قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة لأبيي (يونيسفا) بأن يكونوا مناصرين للنوع الاجتماعي من خلال دمج منظور النوع الاجتماعي في مهامهم اليومية.
أما الضابطة زينب جبلا فأكدت أن "هذه الجائزة تجسد العمل الدؤوب الذي تقوم به النساء العسكريات، تحت راية الأمم المتحدة. تواجه كل منا تحديات فريدة في مهامها. ومع ذلك، يبقى هدفنا الجماعي واحدا، وهو تعزيز السلام وحماية المستضعفين".

إحداث فارق كبير على الأرض
وفي منتصف النهار، توجه وكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيير لاكروا إلى القاعة التي تستضيف المؤتمر الصحفي اليومي في مقر الأمم المتحدة ليتحدث للصحفيين برفقة المستشارة العسكرية لعمليات حفظ السلام للأمم المتحدة بالإنابة الجنرال شيريل بيرس.
وقال لاكروا إن الصعوبات والتحديات والمخاطر الحقيقية التي مرت بها بعض مهمات حفظ السلام على مدار الشهرين الماضيين، "تخبرنا بمدى صعوبة عمل حفظ السلام".
لكنه شدد أيضا على أنها تظهر أن "قوات حفظ السلام تحدث فارقا حاسما على الأرض، على الرغم من كل هذه التحديات".
وأضاف: "من خلال الحفاظ على وقف إطلاق النار، ومنع استئناف العنف في تلك البيئات، وحماية مئات الآلاف من المدنيين في كل يوم، فإن قوات حفظ السلام تحدث فرقا كبيرا في الميدان".
وأوضح أنهم الآن بصدد العمل على تحديث مبادرة "العمل من أجل حفظ السلام" مشيرا إلى أنهم يعكفون على النظر فيما تحقق من نتائج جيدة، وأين مازالت تكمن التحديات والصعوبات.
كما أشار إلى أنهم يعملون على تلبية طلب الدول الأعضاء في قـمة المستقبل التي انعقدت في أيلول/سبتمبر الماضي بتقديم مراجعة شاملة لجميع عمليات حفظ السلام.
وأكد أن حفظ السلام يتكيف باستمرار، ويبحث دائما عن طرق مبتكرة لتحقيق النتائج، مع الحفاظ على فعاليته كخيار منخفض التكلفة مقارنة بالعديد من العمليات الأخرى متعددة الجنسيات.
وأضاف: "نحن ملتزمون بتعظيم فعالية تكاليفنا، ولكن في الوقت نفسه، نؤكد على ضرورة تزويد حفظ السلام بالموارد اللازمة لتنفيذ ولايته".