تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأمم المتحدة: مؤتمر حل الدولتين فرصة حاسمة لرسم مسار لا رجعة فيه نحو السلام

قبة الصخرة المشرفة. القدس الشرقية.
Raf Gangat
قبة الصخرة المشرفة. القدس الشرقية.
أكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة أن المؤتمر الدولي رفيع المستوى المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والمقرر عقده في نيويورك في حزيران/يونيو يمثل "فرصة حاسمة يجب أن نغتنمها لرسم مسار لا رجعة فيه نحو تطبيق حل الدولتين"، مؤكدا على ضرورة نجاحه.

جاء ذلك خلال اجتماع تحضيري للمؤتمر عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم الجمعة، في نيويورك. 

وأكد رئيس الجمعية العامة فيلمون يانغ، على الأهمية القصوى لهذا المؤتمر، مشيدا بجهود المملكة العربية السعودية وفرنسا بوصفهما رئيسين مشاركين للمؤتمر الدولي المقرر عقده في الفترة من 17- 20 حزيران/يونيو المقبل.

وأضاف يانغ: "لا يمكن حل هذا الصراع من خلال الحرب الدائمة، ولا من خلال الاحتلال أو الضم اللانهائي. سينتهي هذا الصراع فقط عندما يتمكن الإسرائيليون والفلسطينيون من العيش جنبا إلى جنب في دولتيهما المستقلتين وذات السيادة، في سلام وأمن وكرامة".

وذكّر المسؤول الأممي بمرور سبعة عقود منذ أن دعت الجمعية العامة لأول مرة إلى حل الدولتين. ومنذ ذلك الحين، أعادت الجمعية تأكيد دعمها الثابت لهذه الرؤية من خلال العديد من القرارات.

واختتم حديثه بالقول: "تقع على عاتقنا الآن مسؤولية جماعية للعمل بحزم وتنفيذ هذه القرارات بالفعل. إنها مسؤوليتنا الآن لدعم القانون الدولي، واحترام مبادئ مـيثاق الأمم المتحدة. يجب علينا استعادة الثقة في الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، وفي التزاماتنا تجاه شعبي فلسطين وإسرائيل".

رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة يتحدث في الجلسة التحضيرية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين.
UN News

المملكة العربية السعودية

من جانبها، شددت المملكة العربية السعودية على الحاجة الملحة لعمل حاسم ولا رجعة فيه لإنهاء الصراع وتحقيق حل الدولتين.

وأكدت رئيسة الفريق التفاوضي للمملكة العربية السعودية في وزارة الخارجية المستشارة منال بنت حسن رضوان على ضرورة أن يسفر المؤتمر عن نتائج ملموسة بدلا من مجرد الإيماءات الرمزية. وقالت: "يبدأ السلام الإقليمي بالاعتراف بدولة فلسطين — ليس كبادرة رمزية، بل كضرورة استراتيجية".

وأضافت المسؤولة السعودية أن المؤتمر القادم يجب أن يكون "بداية النهاية للصراع — الأمر لا يتعلق بالكلمات، بل بالفعل، إنه يتعلق بضمان ترجمة مبادئنا الجماعية إلى حقائق دائمة".

رئيسة الفريق التفاوضي للمملكة في وزارة الخارجية المستشارة د. منال بنت حسن رضوان متحدثة في الجلسة التحضيرية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين.
UN News

كما سلطت الضوء على الدور التاريخي للمملكة في تعزيز السلام، بدءا من مبادرة السلام العربية وصولا إلى إطلاق "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين".

وحثت جميع المشاركين على تقديم التزامات عملية وقابلة للقياس، ترتكز على مبادئ الإلحاح والجوهر والشمولية والاستقلالية، وأن تكون متجذرة في حقوق وتطلعات كلا الشعبين للعيش بسلام وأمان.

واختتمت حديثها بالقول: "لنكن واضحين: الحرب لن تجلب السلام أبدا — فقط خطة عمل لا رجعة فيها، محددة زمنيا، متجذرة في القانون الدولي وتهدف إلى تطبيق حل الدولتين هي التي يمكن أن تحقق ذلك".

فرنسا

آن - كلير ليجاندر مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكدت التزام فرنسا القوي، إلى جانب المملكة العربية السعودية، بدفع حل الدولتين بوصفه المسار الوحيد القابل للتطبيق للسلام. وشددت على الحاجة الملحة لحشد دولي قبل مؤتمر يونيو، والذي يهدف إلى تطوير خارطة طريق ملموسة لتطبيق حل الدولتين.

آن - كلير ليجاندر مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا متحدثة في الجلسة التحضيرية للمؤتمر الدولي رفيع المستوى المعني بالتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين
UN News

وركزت ليجاندر على ثلاث رسائل رئيسية: 

أولا، دعت إلى عمل فوري لإنهاء الحرب في غزة، وضمان الإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن، وتسهيل الوصول الإنساني الكامل.

ثانيا، شددت على الضرورة الملحة لوضع الحل السياسي في المقدمة، مشيرة إلى أن التوسع الاستيطاني، وعنف المستوطنين، والجهود الرامية إلى إضعاف السلطة الفلسطينية تقوّض حل الدولتين.

ثالثا، وصفت المؤتمر بأنه نقطة تحول محتملة، مؤكدة على الحاجة إلى ترجمة الالتزامات إلى عمل. 

ودعت إلى اتخاذ خطوات لا رجعة فيها فيما يتعلق بحل الدولتين، مشددة على ضرورة أن تشمل خارطة الطريق "نزع سلاح حماس، وإصلاح الحوكمة الفلسطينية، وضمان أمن إسرائيل".

الأمم المتحدة

وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام روز ماري ديكارلو تحدثت في ختام الاجتماع التحضيري، نيابة عن الأمين العام للأمم المتحدة، وقالت إن السلام الشامل والدائم في الشرق الأوسط لا يمكن أن يتحقق بدون الحل العادل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، "هذه ليست قضية هامشية أو يمكن تأجيلها إلى أجل غير مسمى. إنها القضية الأقدم على أجندة الأمم المتحدة للسلم والأمن".

وأضافت أن هذه القضية تقع في قلب الاستقرار الإقليمي وتمتد آثارها  إلى أبعد من منطقة الشرق الأوسط، كما أنها تقوض آفاق التنمية وحقوق الإنسان وتغذي الحلقة المأساوية للاستياء والعنف.

واستشهدت بما قاله الأمين العام مؤخرا أمام مجلس الأمن عن خطر تلاشي وعد حل الدولتين إلى حد الاختفاء. وأكدت عدم وجود طرق مختصرة أو بدائل عن حل الدولتين المتفاوض عليه الذي يفضى إلى دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة القادرة على البقاء، التي تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع دولة إسرائيل.

وحذرت من خطر الانهيار الذي لا رجعة فيه للتوافق الدولي حول حل الدولتين وترسيخ الوضع الراهن غير العادل، إذا لم تُتخذ إجراءات عاجلة ومنسقة.

ودعت إلى إعادة التأكيد على أن الشعبين - الفلسطينيين والإسرائيليين - لهما الحق في العيش في سلام وأمن وكرامة وأن الأمن لا يمكن أن يُفرض بالوسائل العسكرية. وقالت إن الاحتلال المترسخ وتوسيع المستوطنات غير القانونية والعنف ضد المدنيين والأزمة الإنسانية المتنامية في الأرض الفلسطينية المحتلة، ليست فقط أمورا لا يمكن الدفاع عنها أخلاقيا ولكنها لا يمكن أن تستمر سياسيا.

وأكدت أن الفرصة لا زالت سانحة لاتباع مسار مختلف يرتكز على القانون الدولي ومبادئ مـيثاق الأمم المتحدة والمصالح المشتركة لجميع شعوب المنطقة.

وأعربت عن التقدير العميق لفرنسا والمملكة العربية السعودية لقيادتهما للمؤتمر رفيع المستوى للتسوية السلمية لقضية فلسطين.

وقالت إن المؤتمر - المقرر الشهر المقبل - يقدم فرصة مهمة ونادرة ويجب أن يكون نقطة تحول وأن يحشد خطوات لا رجعة فيها باتجاه إنهاء الاحتلال وتوحيد الضفة الغربية وغزة تحت سلطة فلسطينية واحدة وشرعية وتحديد الهدف المشترك المتمثل في حل الدولتين القابل للتطبيق. 

هدف المؤتمر وشكله

وفقا للمذكرة المفاهيمية الصادرة عن الجهات المنظمة، يهدف المؤتمر إلى حشد الزخم من خلال البناء على المبادرات الوطنية والإقليمية والدولية، واعتماد تدابير ملموسة لتعزيز احترام القانون الدولي ودفع سلام عادل ودائم وشامل يضمن الأمن للجميع والتكامل الإقليمي.

وسيُشكل المؤتمر منصة لإعادة تأكيد الدعم الدولي لحل الدولتين، والأهم من ذلك، التخطيط والتنسيق لتنفيذ هذا الحل. والهدف الأسمى هو المساعدة على إنهاء الاحتلال وتجسيد قيام دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة التي تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومرجعية مدريد ومبادرة السلام العربية.

وسيتألف المؤتمر من جلسة عامة وموائد مستديرة. تتضمن الجلسة العامة بيانات افتتاحية من رئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة والرئيسين المشاركين (السعودية وفرنسا)، وبيانات من ممثلي الدول والمراقبين وجزءا ختاميا. وستعقد 8 موائد مستديرة من بينها:

  • "دولة فلسطينية موحدة وذات سيادة تعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن مع إسرائيل"، برئاسة مشتركة بين الأردن وإسبانيا.
  • "سردية للسلام"، برئاسة مشتركة بين قطر وكندا،
  • "العمل الإنساني وإعادة الإعمار" برئاسة مصر والمملكة المتحدة،
  • "جهود يوم السلام"، برئاسة جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي.

النتائج المتوقعة

وفق ما صرحت به الجهات المنظمة، من المتوقع أن يتبنى المؤتمر وثيقة ختامية بعنوان "التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين"، وذلك لرسم مسار لا رجعة فيه نحو التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين على وجه السرعة.

وتشير المذكرة المفاهيمية إلى أنه يُتوقع من الدول سواء في الجلسة العامة أو الموائد المستديرة ذات الصلة أن تسلط في بياناتها الضوء على الإجراءات التي هي على استعداد لاتخاذها، فرديا أو جماعيا، وفاء لالتزاماتها ودعما للإجماع الدولي حول التسوية السلمية للقضية الفلسطينية وحل الدولتين، وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.