تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأمم المتحدة: رفع العقوبات يمنح السوريين فرصة أفضل لمواجهة صعوبات كبيرة

غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا (على الشاشة) يتحدث أمام مجلس الأمن الدولي.
UN Photo/Manuel Elías
غير بيدرسون المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا (على الشاشة) يتحدث أمام مجلس الأمن الدولي.
رحب مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون بالخطوات الدولية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن رفع العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا.

وفي إحاطته أمام اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا اليوم الأربعاء، قال بيدرسون متحدثا عبر الفيديو من دمشق: "يسود جو من التفاؤل الحذر وتطلع إلى التجديد، في ظل تحركات دولية بعيدة المدى بشأن سوريا".

وأكد أن هذه التطورات تحمل إمكانات هائلة لتحسين الظروف المعيشية في جميع أنحاء البلاد، ولدعم الانتقال السياسي السوري.

ورحب كذلك بالدعم الذي قدمته دول إقليمية منها السعودية وتركيا وقطر بما في ذلك معالجة التزامات سوريا المعلقة تجاه المؤسسات المالية الدولية، ودعم دفع رواتب القطاع العام، وضمان توفير الموارد الحيوية في مجال الطاقة.

ونبه كذلك إلى أن سوريا تواجه تحديات هيكلية كبيرة، في ظل اقتصاد متضرر بفعل أكثر من عقد من الحرب والصراع، فضلا عن مجموعة من العوامل الأخرى المزعزعة للاستقرار.

وأكد أن "إنعاش الاقتصاد المنهار سيتطلب من السلطات المؤقتة اتخاذ إجراءات مستدامة تشمل الإصلاح الاقتصادي الشامل ومعايير الحوكمة في النظام المالي، وسيحتاج ذلك إلى دعم دولي".

ترحيب بلجنتي العدالة الانتقالية والمفقودين

وتحدث المبعوث الأممي عن قرار السلطات المؤقتة إنشاء اللجنة الوطنية للعدالة الانتقالية واللجنة الوطنية للمفقودين في سوريا.

وقال إن إنشاء لجنة مخصصة للمفقودين يبرهن على مركزية هذه القضية في التجربة الوطنية السورية، مضيفا: "نأمل أن تتعاون هذه اللجنة، في خطواتها القادمة، مع هيئات الأمم المتحدة المعنية، والمجتمع المدني السوري، والأهم من ذلك، مع جمعيات الضحايا والناجين".

وعن لجنة العدالة الانتقالية، اعتبر بيدرسون أنها "خطوة أساسية أخرى في مسار تعافي سوريا واستعادة حق السوريين في الحقيقة والعدالة وجبر الضرر".

وعن مشاركة النساء، عبر المسؤول الأممي عن سروره بانعقاد أول اجتماع للمجلس الاستشاري النسائي في دمشق منذ تأسيسه عام 2016.

وأوضح أن عضوات المجلس أبرزن أهمية مشاركتهن السياسية، وحرصن على تقديم المشورة الحكيمة للسلطات المؤقتة، كما طالبن "بتوضيح الاستراتيجية الوزارية، ودور المجتمع المدني، وضمان الانخراط السياسي الحقيقي للنساء".

الخطوة التالية

وفيما يخص المرحلة المقبلة، أكد بيدرسون أن "الخطوة التالية الأساسية" وفقا للإعلان الدستوري، هي تشكيل اللجنة العليا المسؤولة عن اختيار أعضاء مجلس الشعب الجديد، مضيفا: "ناقشت مع السلطات المؤقتة ضرورة بذل جهود حقيقية لضمان الشمولية والشفافية والانفتاح".

وحذر المسؤول الأممي كذلك من "تحديات فورية تتعلق بالحماية والثقة والمشاركة"، مشيرا إلى التصعيد الأخير في مناطق الأغلبية الدرزية في السويداء وضواحي دمشق.

وأضاف: "العنف ترك السكان في حالة من الذعر"، داعيا إلى مواصلة الحوار الوطني، ومشيدا بتصريحات الرئيس المؤقت التي شددت على الوحدة الوطنية والحوار.

وأعرب كذلك عن قلقه الشديد إزاء تجدد الغارات الجوية الإسرائيلية على سوريا، بما في ذلك خلال أحداث العنف في المناطق ذات الغالبية الدرزية وقرب القصر الرئاسي.

وقال: "إن مثل هذه الهجمات غير مقبولة ويجب أن تتوقف. ويجب احترام سيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها. هناك فرص دبلوماسية واضحة، ويجب إعطاؤها الأولوية".

وختم بيدرسون إحاطته بالتنبيه إلى أن التحديات التي تواجه سوريا هائلة، لكنه شدد أيضا على أن "الشعب السوري شعر بالارتياح لأن قرارات الأسبوع الماضي برفع العقوبات تمنحه فرصة أفضل من ذي قبل للنجاح في مواجهة صعوبات كبيرة".

احتياجات هائلة

راميش راجاسينغهام مدير التنسيق بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ذكّر بأن أكثر من عقد من الصراع دفع 90 في المائة من السكان إلى الفقر، وشرد ما يقارب 7.5 مليون شخص داخليا، وأدى إلى لجوء أكثر من ستة ملايين شخص إلى دول أخرى.

لكنه أضاف في إحاطته أمام مجلس الأمن عبر الفيديو من جنيف: " الآن، بعد سنوات من المعاناة، يستعيد السوريون الأمل".

وركز راجاسينغهام في إحاطته على نقاط ثلاث أولها أن الاحتياجات الإنسانية "لا تزال هائلة، وتزداد تعقيدا"، موضحا أن 16.5 مليون سوري بحاجة إلى الحماية والمساعدة الإنسانية، وأكثر من نصف السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما يواجه قرابة ثلاثة ملايين انعداما حادا في الأمن الغذائي.

وحذر من أن النساء والفتيات لا يزلن معرضات لخطر العنف القائم على النوع الاجتماعي، مشيرا إلى أن الوصمة الاجتماعية والخوف من الانتقام ونقص خدمات الحماية والثقة في هذه الخدمات تعني أن مثل هذا العنف غالبا ما لا يتم الإبلاغ عنه بشكل كاف.

الوضع المقلق للتمويل

أما النقطة الثانية التي ركز عليها المسؤول الأممي فهي استمرار العمل الإنساني رغم التحديات، موضحا أن "أكثر من ألف شاحنة مساعدات دخلت سوريا من تركيا منذ بداية العام، وهو ارتفاع بسبعة أضعاف مقارنة بالعام الماضي".

وأضاف: "السلطات المؤقتة في سوريا تواصل تسهيل عملنا، ونحن نعمل معها لتقليص الإجراءات البيروقراطية".

وعن النقطة الثالثة، فهي "الوضع المقلق للتمويل"، حيث قال راجاسينغهام إن نداء الأمم المتحدة وشركائها لتمويل قدره مليارا دولار لتغطية الفترة من كانون الثاني/يناير إلى حزيران/يونيو لم يتم تمويله سوى بنسبة 10 في المائة، محذرا من أن "المراكز المجتمعية والمستشفيات مهددة بالإغلاق".

وقدم مجموعة من الأمثلة لتأثير تراجع التمويل بما فيها إغلاق 20 مساحة آمنة للنساء والفتيات منذ كانون الثاني/يناير، مما أدى إلى الحد بشكل كبير من الوصول إلى خدمات الدعم للناجيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وقال المسؤول الأممي: "الشعب السوري أظهر صمودا لا مثيل له، لكنه لا يستطيع الصمود وحده. يجب أن نتحرك بشكل عاجل".

سوريا

قال نائب سفير سوريا لدى الأمم المتحدة رياض خضور إنهم يشهدون الآن حرص المجتمع الدولي على تلقف اللحظة الفارقة الراهنة وفتح أبوابه مجددا لسوريا وانخراطه الفاعل معها.

وأضاف أن "قرار رفع العقوبات عن سوريا يمثل تحولا نوعيا طال انتظاره لما يحمله من بوادر حقيقية للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية وتسريع عملية التعافي الاقتصادي والتنموي في البلاد".

وشدد على أن السوريين استقبلوا هذا القرار بكثير من الأمل باعتباره خطوة أولى نحو استعادة دورة الحياة الطبيعية وتحسين الظروف المعيشية وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد وبناء الأمن الغذائي، والعودة الواثقة لمسار التنمية المستدامة.

وقال: "إن التطورات الأخيرة تفتح الباب أمام توفير بيئة واعدة للعمل والاستثمار وتأهيل القطاع المصرفي، وتمهد لتحسن تدريجي في البنى التحتية واستئناف الخدمات الأساسية، لاسيما في مجالات الطاقة والصحة والتعليم والزراعة وترسيخ الأمن والاستقرار وتعزيز السلم الأهلي، الأمر الذي يساعد على الارتقاء بالوضع الإنساني ويسرع من وتيرة العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين والمهجرين".

وجدد مطالبة بلاده لمجلس الأمن باتخاذ إجراءات حازمة وفورية لإلزام إسرائيل بالوقف الفوري لعدوانها المستمر على الأراضي السورية والانسحاب الفوري وغير المشروط من جميع الأراضي السورية بما في ذلك الجولان السوري المحتل.

وقال: "سوريا الجديدة تمد يدها لكل من يسعى بصدق إلى دعم استقرارها".

قطر

الممثلة الدائمة لدولة قطر لدى الأمم المتحدة السفيرة علياء أحمد بن سيف آل ثاني وصفت اعتزام الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا، بأنها "خطوة مهمة نحو دعم الاستقرار والازدهار".

ورحبت بالخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها في سوريا نحو التوافق الوطني وترسيخ دولة القانون والمؤسسات.

وأضافت: "تواصل دولة قطر دعمها الشامل للجمهورية العربية السورية في المجالات الإنسانية والإغاثية وفي جهود التعافي وتوفير الخدمات الأساسية، بما في ذلك استمرار توريد الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء".

وأكدت دعم بلادها لسوريا "بما يساهم في تحقيق تطلعات شعبها الشقيق في الأمن والاستقرار والتنمية بما ينعكس إيجابيا على مستقبل سوريا والمنطقة ككل".

الإمارات العربية المتحدة

مندوب دولة الإمارات العربية المتحدة الدائم لدى الأمم المتحدة السفير محمد أبو شهاب تحدث نيابة عن المجموعة العربية مشددا على "أهمية دعم العملية السياسية في سوريا بقيادة وملكية سورية وبمشاركة جميع مكونات الشعب السوري دون إقصاء، بما في ذلك النساء والشباب، على نحو يضمن وحدة سوريا وأمنها ويحفظ حقوق مواطنيها".

وقال إن المجموعة العربية تشدد على رفضها لأي شكل من أشكال التقسيم أو التجزئة، كما ترفض أي تدخل خارجي في الشأن السوري.

وأضاف أن المجموعة العربية "تدعو إلى الإسراع في رفع جميع التدابير القسرية الأحادية المفروضة على سوريا وغيرها من العقوبات الاقتصادية والمالية بشكل كامل لما لها من أعباء مباشرة على مصالح الشعب السوري، وأثر سلبي على العملية السياسية الانتقالية".

وعلى الصعيد الأمني، نقل أبو شهاب أسف المجموعة لما شهدته سوريا مؤخرا من أعمال عنف تقوض جهود الحكومة السورية في فرض سيطرتها وبسط سيادتها على كامل أراضيها. وأضاف كذلك أن المجموعة تدين بأشد العبارات "الاعتداءات المتكررة" التي تشنها القوات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

المملكة العربية السعودية

وقال الممثل الدائم للسعودية لدى الأمم المتحدة السفير عبد العزيز الواصل إن بلاده تنظر إلى التطورات السورية الأخيرة بشكل إيجابي "نظرا لما يشهده الشأن السوري من حراك وطني بناء انعكس جليا وبشكل ملموس نحو تبني مقاربة إقليمية ودولية شاملة صبت في مصلحة الشعب السوري بكافة أطيافه".

وأشار إلى دعم بلاده وإسهامها في تسهيل اندماج سوريا مجددا مع البنك الدولي لتمكينها من الحصول على الموارد اللازمة، وذلك لدعم جهود الحكومة على المستوى السياسي وتلبية احتياجات التعافي المبكر وإعادة الإعمار، وتشجيع تنمية القطاع الخاص وتوفير فرص العمل.

وثمَّن قرار الرئيس الأمريكي بشأن رفع العقوبات عن سوريا، والتي وصفها بأنها خطوة مهمة في سبيل إعادة إعمار سوريا والنهوض بها على الصعيدين الإقليمي والدولي.

وشدد على "أهمية احترام سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها وضرورة دعم الجهود التي تبذلها الحكومة السورية الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار".

وقال الواصل إن بلاده ترحب بكافة الإجراءات التي اتخذتها القيادة السورية لصون السلم الأهلي والجهود المبذولة لاستكمال مسار بناء مؤسسات الدولة بما يلبي ويحقق تطلعات ووحدة الشعب السوري ويحفظ نسيجه الوطني تحت مظلة الدولة السورية.