Breadcrumb

المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: قدرة المنظمة تُختبر رغم الإنجازات، والسلام هو أفضل دواء للبلدان

وفي كلمته الافتتاحية في مستهل جمعية الصحة العالمية الثامنة والسبعين، بدأ دكتور تيدروس حديثه بالإعراب عن أمله في أن يتم اعتماد الاتفاق بشأن الوقاية من الجوائح والتأهب والاستجابة لها.
وقال الدكتور تيدروس، في إشارة إلى التوافق الذي تم التوصل إليه "بشق الأنفس" في نيسان/أبريل بشأن مسودة الاتفاق: "إنها حقا لحظة تاريخية. حتى في خضم الأزمة، وفي مواجهة معارضة كبيرة، عملتم بلا كلل. لقد حققتم ما تصبون إليه".
اعتماد قرار بشأن الاتفاق
وبعد الافتتاح وافقت الدول الأعضاء بمنظمة الصحة العالمية على قرار يدعو إلى اعتماد الاتفاق الدولي التاريخي لجعل العالم أكثر أمانا في وجه الجوائح المستقبلية. وسيتم النظر في الاتفاق لاعتماده بشكل نهائي من جمعية الصحة العالمية يوم الثلاثاء.
وتأتي موافقة الدول على القرار اليوم بعد عملية استمرت لأكثر من ثلاث سنوات، بدأتها الحكومات أثناء جائحة كوفيد – 19 للتفاوض على أول اتفاق من نوعه يعالج الفجوات وعدم المساواة في منع الجوائح والاستعداد والاستجابة لها.
تقرير سنوي
المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قدم تقريره السنوي لعام 2024 مسلطا الضوء على ما تحقق ضمن ركائز ثلاث تضمنها برنامج العمل العام الرابع عشر الذي وافقت عليه الدول الأعضاء في الجمعية العام الماضي، وهي تعزيز الصحة وتوفيرها وحمايتها.
وفي مجال تعزيز الصحة، قال الدكتور تيدروس إن جهود منظمة الصحة العالمية لمعالجة الأسباب الجذرية للأمراض تجلت في دعمها المستمر لمكافحة التبغ، وتحسين التغذية، والصحة البيئية. وقال: "انخفض معدل انتشار التدخين بمقدار الثلث عالميا"، مشيرا إلى الدور التحويلي للاتفاق الإطاري لمكافحة التبغ.
وفيما يتعلق بالركيزة الثانية - توفير الصحة - أشار الدكتور تيدروس إلى توسيع نطاق التغطية الصحية الشاملة، وتدريب القوى العاملة، وتنظيم الأدوية.
وتطرق إلى الخطوات التاريخية في مجال التحصين والقضاء على الأمراض. وقال إن "برنامج التحصين الموسع كان أكبر مساهم في بقاء الرضع والأطفال على قيد الحياة على مستوى العالم"، محتفيا بإنقاذ 154 مليون شخص منذ إنشائه عام 1974، "أي ما يعادل 8000 شخص يوميا لمدة 50 عاما".
وبالنسبة للركيزة الثالثة لمهمة المنظمة وهي دعم الدول في حماية صحتها من خلال الوقاية من حالات الطوارئ الصحية والاستجابة السريعة لها، قال إن المنظمة في عام 2024، نسقت الاستجابة لـ 51 حالة طوارئ مُصنفة في 89 دولة، بما فيها تفشيات، وكوارث طبيعية، ونزاعات، وغيرها.
"الوضع الطبيعي الجديد"
وتطرق المدير العام لمنظمة الصحة العالمية إلى التحديات التي تواجه الصحة في مناطق الصراعات بما فيها غزة والسودان وأوكرانيا.
وأشار إلى أنه ردا على عودة ظهور شلل الأطفال في غزة، تفاوضت منظمة الصحة العالمية على هدن إنسانية لحملة التطعيم التي وصلت إلى أكثر من 560 ألف طفل.
وأضاف: "لكن لا يزال سكان غزة يواجهون تهديدات متعددة أخرى. فبعد شهرين من الإغلاق الأخير، يعاني مليونا شخص من الجوع، بينما يُحتجز 116 ألف طن من الغذاء على الحدود على بُعد دقائق فقط. ويتزايد خطر المجاعة في غزة مع الحجب المتعمد للمساعدات الإنسانية، بما في ذلك الغذاء، في ظل الإغلاق المستمر".
وأوضح أنه منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023، دعمت منظمة الصحة العالمية عمليات إجلاء طبي لأكثر من 7300 مريض من غزة، من بينهم 617 مريضا بالسرطان. لكنه نبه إلى أن أكثر من 10,000 مريض لا يزالون بحاجة إلى إجلاء طبي من غزة.
وقال: "نطلب من الدول الأعضاء قبول مزيد من المرضى، ونطلب من إسرائيل السماح بعمليات الإجلاء هذه، والسماح بدخول الغذاء والدواء الضروريين بشدة إلى غزة".
وعن الوضع في السودان، ذكَّر بأن الحرب هناك أودت بحياة ما يقدر بنحو 32,000 شخص، وشردت 30 في المائة من السكان، وتركت 20 مليونا في حاجة إلى المساعدة.
وقال الدكتور تيدروس: "خلال زيارتي للسودان في أيلول/سبتمبر وللاجئين في تشاد بعد ذلك بوقت قصير، شهدت العواقب الوخيمة".
أوضح كذلك أنه في جميع أنحاء غزة والسودان وأوكرانيا وخارجها، أصبحت الهجمات على الرعاية الصحية "الوضع الطبيعي الجديد" للصراع.
وأفاد بأنه في عام 2024 وحده، تحققت منظمة الصحة العالمية من أكثر من 1500 هجوم في 15 دولة، مما أسفر عن أكثر من 900 حالة وفاة.
وقال المسؤول الأممي: "في كل بلد، أفضل دواء هو السلام والحل السياسي. آمل أن يسود سلام يدوم عبر الأجيال. الحرب ليست الحل، بل السلام هو الحل".
تأثير تخفيض التمويل
وحذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية من تداعيات الخفض الحاد للتمويل الإنساني من قبل مانحين رئيسيين، قائلا: "أخبرني العديد من الوزراء أن التخفيضات المفاجئة والحادة في المساعدات الثنائية تسبب اضطرابات شديدة في بلدانهم، وتعرض صحة الملايين من الناس للخطر".
ولفت إلى أن المرضى في ما لا يقل عن 70 دولة يفقدون فرص الحصول على العلاجات، وإغلاق مرافق صحية، وفقدان عاملين في مجال الصحة وظائفهم، واضطرار الناس إلى زيادة الإنفاق الصحي من جيوبهم الخاصة.
وأشار إلى أنه رغم أن هذا يمثل تحديا، إلا أن العديد من الدول ترى فيه فرصة لتجاوز عصر الاعتماد على المساعدات وتسريع الانتقال إلى الاعتماد على الذات بشكل مستدام، بالاعتماد على الموارد المحلية. وأضاف: "نبذل قصارى جهدنا لدعم الدول لتحقيق هذا التحول".
لكنه أوضح أنه "في الوقت الذي تحتاج فيه الدول الأعضاء إلى منظمة صحية قوية، فإنها تواجه تحديات".
وأشار إلى اعتزام الدول الأعضاء هذا الأسبوع النظر في ميزانية برنامجية مخفضة قدرها 4.2 مليار دولار أمريكي للفترة 2026-2027، بما يمثل انخفاضا بنسبة 21 في المائة عن الميزانية الأصلية المقترحة البالغة 5.3 مليار دولار.
وقال إن ذلك المبلغ المخفض "ليس طموحا، بل إنه متواضع للغاية" بالنسبة لمنظمة تعمل على الأرض في 150 دولة، مع المهمة الواسعة والتفويض الذي منحته لها الدول الأعضاء.
وختم كلمته بالقول: "لنعمل معا من أجل عالم أكثر صحة وسلاما وعدلا. هذا ممكن. أزمتنا الحالية فرصة لتحقيق ذلك، وسنحققه معا".