تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

تقرير دولي جديد: جميع سكان غزة يواجهون خطر حدوث المجاعة

أطفال في غزة يحملون أوان فارغة بانتظار الطعام.
UN News
أطفال في غزة يحملون أوان فارغة بانتظار الطعام.
ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة وجهات دولية أن قطاع غزة بأكمله يواجه خطرا كبيرا لحدوث مجاعة مع تصاعد القتال مرة أخرى، واستمرار إغلاق المعابر الحدودية، وندرة الغذاء بشكل خطير. وقد اشتد الجوع وسوء التغذية بشكل حاد منذ منع دخول جميع المساعدات في 2 آذار/مارس، مما عكس المكاسب الإنسانية الواضحة خلال وقف إطلاق النار في وقت سابق من هذا العام.

وفقا لتقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي* الصادر اليوم الاثنين، سيواجه 470 ألف شخص في غزة جوعا كارثيا (المرحلة الخامسة والأشد من التصنيف) خلال الفترة بين أيار/مايو وأيلول/سبتمبر 2025، بزيادة قدرها 250 بالمائة عن تقديرات التصنيف السابقة.

ويحدد التقرير أن السكان بأكملهم يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد. كما يتوقع أن 71 ألف طفل وأكثر من 17 ألف أُم سيحتاجون إلى علاج عاجل لسوء التغذية الحاد. وفي بداية عام 2025، قدرت الوكالات أن 60 ألف طفل سيحتاجون إلى العلاج.

وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين: "العائلات في غزة تتضور جوعا بينما لدى البرنامج ما يكفي من الغذاء على الحدود لإطعام أكثر من مليون شخص لمدة أربعة أشهر. ومع ذلك، لا يمكننا إيصاله إليهم بسبب تجدد الصراع والحظر التام للمساعدات الإنسانية المفروض في أوائل آذار/مارس".

وأكدت ماكين ضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لإعادة تدفق المساعدات إلى غزة. وأضافت: "إذا انتظرنا حتى يتم تأكيد حدوث المجاعة، فسيكون الوقت قد فات بالفعل بالنسبة للكثير من الناس".

الأطفال يواجهون حرمانا غذائيا شديدا

يتوقع تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أن تدفع العمليات العسكرية المتجددة والحصار الكامل المستمر والنقص الحاد في الإمدادات اللازمة للبقاء على قيد الحياة، انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية الحاد ومستويات الوفيات إلى ما يتجاوز عتبات المجاعة خلال الأشهر الخمسة المقبلة.

وأشارت 17 وكالة تابعة للأمم المتحدة ومنظمة غير حكومية - التي أصدرت التقرير - إلى أن الغالبية العظمى من الأطفال في غزة يواجهون حرمانا غذائيا شديدا. ومن المتوقع حدوث زيادات سريعة في سوء التغذية الحاد في محافظات شمال غزة وغزة ورفح، إلى جانب محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية والنقص الحاد في المياه النظيفة والصرف الصحي.

"المجاعة لا تأتي فجأة"

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل: "إن خطر المجاعة لا يأتي فجأة. إنه يتكشف في الأماكن التي يتم فيها منع الوصول إلى الغذاء، حيث يتم تدمير الأنظمة الصحية، وحيث يترك الأطفال دون الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة. الجوع وسوء التغذية الحاد بمثابة واقع يومي للأطفال في جميع أنحاء قطاع غزة. لقد حذرنا مرارا وتكرارا من هذا المسار وندعو مرة أخرى جميع الأطراف إلى منع وقوع كارثة".

وقد تم إغلاق المعابر الحدودية إلى غزة لأكثر من شهرين - وهي أطول فترة إغلاق يواجهها السكان على الإطلاق - مما تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الأسواق إلى مستويات فلكية، وجعل الغذاء القليل المتاح بعيدا عن متناول معظم العائلات.

في الوقت نفسه، هناك الفعل أكثر من 116 ألف طن متري من المساعدات الغذائية - تكفي لإطعام مليون شخص لمدة تصل إلى أربعة أشهر - خارج غزة، جاهزة للدخول. وهناك أيضا مئات الشحنات من العلاجات التغذوية المنقذة للحياة.

Tweet URL

الوكالات الأممية على أهبة الاستعداد

وتقف وكالات الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد للعمل مع جميع أصحاب المصلحة وشركاء الأمن الغذائي لإدخال هذه الإمدادات الغذائية والتغذوية وتوزيعها بمجرد إعادة فتح الحدود لتسليم المساعدات بشكل يقوم على المبادئ.

وأكدت الوكالات الأممية أن فرقها تظل موجودة على الأرض في غزة على استعداد لتقديم مساعدات منقذة للحياة وفقا للمبادئ الإنسانية المطلوبة.

وقد استنفد برنامج الأغذية العالمي آخر مخزوناته الغذائية لدعم مطابخ الوجبات الساخنة للعائلات في 25 نيسان/أبريل. وقد أُغلقت جميع المخابز الـ 25 المدعومة من البرنامج بسبب نفاد دقيق القمح ووقود الطهي.

وفي الأسبوع نفسه، نفدت الطرود الغذائية التي وزعها برنامج الأغذية العالمي على العائلات - والتي تحتوي على حصص غذائية تكفي لمدة أسبوعين. وتواصل اليونيسف تقديم خدمات المياه والتغذية الحيوية، لكن مخزونها لمنع سوء التغذية قد نفد، كما انخفضت إمدادات علاج سوء التغذية الحاد بشكل حرج.

وحث برنامج الأغذية العالمي واليونيسف جميع الأطراف على إعطاء الأولوية لاحتياجات المدنيين والسماح بدخول المساعدات إلى غزة على الفور والوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني.

الفاو تناشد إنقاذ سبل العيش والإنتاج الغذائي

من ناحية أخرى، دعت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى "الاستعادة الفورية للوصول الإنساني ورفع الحصار على غزة" في ظل الخطر الوشيك بحدوث مجاعة، والانهيار التام للزراعة، واحتمال تفشي أوبئة مميتة في القطاع. 

وجاءت هذه الدعوة العاجلة استجابة للتصنيف المتكامل الصادر اليوم والذي يحذر من أن جميع سكان قطاع غزة - ما يقرب من 2.1 مليون شخص - يواجهون خطرا كبيرا بحدوث مجاعة بعد 19 شهرا من الصراع والنزوح الجماعي والقيود الشديدة على المساعدات الإنسانية.

وقال مدير عام منظمة الأغذية والزراعة شو دونيو: "على المجتمع الدولي التحرك الآن، ومن المهم جدا استعادة إمكانية دخول الإمدادات الإنسانية والتجارية على نطاق واسع فورا. فكل تأخير يفاقم الجوع ويسرّع التجويع ويقربنا بشكل أكبر من المجاعة".

وحذر المسؤول الأممي من أنه "إذا لم نتحرك فإننا بذلك نفشل في احترام الحق في الغذاء والذي يعدُّ حقا أساسيا من حقوق الإنسان، كما نفشل في احترام الأسس القانونية لهذا الحق وهو ما يقوض أحد مبادئنا الأساسية المتمثلة في الحفاظ على حياة المدنيين".

وأكدت منظمة الفاو أهمية إعادة إرساء الوصول الإنساني الفوري للحفاظ على الحد الأدنى من الإنتاج الغذائي المحلي، وخاصة الثروة الحيوانية. وأشارت المنظمة إلى أنها وزعت بالفعل أكثر من 2100 طن من الأعلاف الحيوانية والمستلزمات البيطرية على أكثر من 4800 من مربي الماشية في غزة، لكنها نبهت إلى أن الإمدادات الحالية لا تفي بالاحتياجات المتزايدة.

وأوضحت أن مزيدا من المستلزمات البيطرية والأعلاف الحيوانية والإمدادات الأخرى جاهزة للتسليم من قبل منظمة الأغذية والزراعة والشركاء بمجرد إتاحة الوصول.

الزراعة على شفا الانهيار

وكشف تقييم جغرافي مكاني أجرته منظمة الفاو وبرنامج الأمم المتحدة للأقمار الصناعية في الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر وكانون الثاني/ديسمبر 2024 أن 75 في المائة من الحقول التي كانت تُستخدم لزراعة المحاصيل وأشجار الزيتون قد تضررت أو دُمّرت.

كما أن أكثر من ثلثي الآبار الزراعية في غزة والتي تعتمد على المياه الجوفية للري والزراعة، أصبحت غير صالحة للاستخدام بحلول أوائل عام 2025، مما أدى إلى شلل كبير في أعمال الري.


*التصنيف المرحلي المتكامل لمراحل الأمن الغذائي هو مبادرة عالمية تضم وكالات من الأمم المتحدة وشركاء إقليميين ومنظمات إغاثة. ويُصنف انعدام الأمن الغذائي في خمس مراحل، أشدها هي المجاعة التي تأتي في المرتبة الخامسة.