تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

فليتشر: خفض التمويل الإنساني يودي بالأرواح، والتضامن واجب أخلاقي ومصلحة وطنية للمانحين

توم فليتشر، منسق الإغاثة الأمم المتحدة في حالات الطوارئ، يلتقي الناس في قندوز، أفغانستان.
© UNOCHA
توم فليتشر، منسق الإغاثة الأمم المتحدة في حالات الطوارئ، يلتقي الناس في قندوز، أفغانستان.
مع تقليص عدد من المانحين الرئيسيين تمويلهم الإنساني بشكل حاد قال توم فليتشر منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة، إن التضامن والتعاطف الإنسانيين ليسا مجرد التزام أخلاقي، بل إنهما يصبان أيضا في مصلحة الدول المانحة. وذكر أن نظام المساعدات العالمي يجب أن يخضع لإعادة تنظيم، ليصبح أكثر كفاءة ويستكشف مصادر جديدة للتمويل.

في مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة أكد السيد فليتشر أن التخفيضات الأخيرة في المساعدات الدولية لها عواقب وخيمة، مضيفا أن "الناس سيموتون نتيجة لهذه التخفيضات".

وفرّق السيد فليتشر بوضوح بين السياسيين في الدول المانحة الذين يُجبرون على اتخاذ "قرارات صعبة" بسبب اقتصاداتهم المتعثرة وضغوط ناخبيهم لخفض المساعدات الخارجية، وأولئك "الذين يحتفلون ويتباهون وينسبون الفضل لأنفسهم في خفض المساعدات".

وقال: "سواء أحببنا ذلك أم لا، فإن من المصلحة الوطنية الإنفاق على المساعدات الخارجية. إن كنت تريد أن تجعل بلادك عظيمة، لا تنسحب من العالم، بل اخرج لمواجهة التحديات العالمية أينما تجدها، وإلا فإن الجائحة القادمة، والانهيار الاقتصادي القادم، وتدفق الهجرة الذي ستدفعه أزمة المناخ والفقر والصراع في المستقبل، كل ذلك سيأتي في اتجاهك - ولن تتمكن من بناء جدار كبير بما يكفي لمنع هذه المشاكل".

"التمويل لن يعود قريبا"

وقال السيد فليتشر، الذي يشغل أيضا منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن "خيارات قاسية" تُتخذ الآن في القطاع الإنساني، الذي توقع أن ينكمش "بمقدار الثلث على الأرجح".

وشدد على أن عددا من المانحين يحافظون على ثباتهم في دعم المجتمع الإنساني على الرغم من أزمات التمويل التي يواجهونها، وأن مانحين جددا يظهرون ويتزايدون. 

إلا أنه أقر بأن التمويل الذي تم خفضه "لن يعود في أي وقت قريب، وقد يكون هناك مزيد من تخفيضات التمويل في المستقبل". وقال إن المجتمع الإنساني سيبحث عن شركاء جدد، "وسيحاول إقناع المتشككين" بإشراك القطاع الخاص وتغيير الحوار العام حول التضامن.

زار توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مستشفى في قندهار، أفغانستان.
© UNOCHA
زار توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مستشفى في قندهار، أفغانستان.

تفاؤل رغم التحديات

وقال: "علينا أن نعمل بالمال الذي لدينا، وليس المال الذي نحتاجه أو المال الذي نتمنى لو كان لدينا. نحن نعمل في أكثر البيئات يأسا، ونحاول دائما أن نحافظ على تفاؤلنا".

وأضاف المسؤول الأممي أنه سيستمر في التمسك بهذه الروح في محادثاته مع الإدارة الأمريكية، مؤكدا أنه ينظر بإيجابية إلى تصريحات وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بشأن ضرورة حماية المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة. وأضاف: "أرغب في الانخراط في هذا الحوار معه بشدة، والاطلاع على رؤيته لدور الولايات المتحدة في إنقاذ الأرواح حول العالم".

وأضاف وكيل الأمين العام أنه مع استمرار عملية "إعادة تنظيم العمل الإنساني"، يجب أن يكون هناك مزيد من الابتكار والتغيير الجذري في أسلوب التفكير بشأن كيفية العمل الإنساني في المستقبل. 

وأضاف: "هذا يعني الاعتراف بأن مهمتنا هي المهمة الصحيحة، وأن هناك حركة (واسعة) ستدعمنا، ولكن علينا إعادة بناء آلية العمل بطريقة مختلفة".

وقال السيد فليتشر لأخبار الأمم المتحدة إنه تولى منصبه الحالي بهدف يتعلق بإصلاح القطاع الإنساني، "قبل وقت طويل من بدء دونالد ترامب وإيلون ماسك وآخرين في الحديث عن الكفاءة وتحديد الأولويات وتخفيضات الإنفاق". وأكد قناعته في إمكانية إنجاز العمل الإنساني بفعالية أكبر "وبطريقة أقرب بكثير إلى من نخدمهم".

توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية يلتقي بنساء خلال برنامج للتنمية الاقتصادية في أفغانستان.
© UNOCHA
توم فليتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية يلتقي بنساء خلال برنامج للتنمية الاقتصادية في أفغانستان.

مناقشات صعبة لكنها بناءة

وكان وكيل الأمين العام يتحدث من أفغانستان، حيث يقوم حاليا بزيارة لتفقد الوضع الإنساني والتحدث مع مختلف الجهات الفاعلة والمسؤولين هناك. وقال إن نحو 400 عيادة أغلقت أبوابها في الأسابيع الماضية، وأن المنظمات غير الحكومية تسرح "نصف موظفيها" بسبب تخفيضات المساعدات الدولية.

وأكد أن مناقشاته مع سلطات الأمر الواقع بشأن حقوق النساء والفتيات كانت صعبة، ولكنها بناءة. وشدد على أن العمل الإنساني "يعتمد كليا" على مشاركة النساء، وأضاف: "ببساطة، لا يمكننا تقديم الخدمات بدونهن". وفيما يتعلق بقضية حقوق النساء والفتيات الأوسع، قال إن حق التعليم سُلب من ملايين الفتيات على مدى السنوات الثلاث الماضية.

ولكن السيد فليتشر قال إنه يتعامل مع هذه القضة "كشخص يؤمن بالحوار، ويؤمن بالاحترام والثقة والإنصات، وبإدراك أن لدينا ثقافات مختلفة، وتقاليد مختلفة، وتراثا مختلفا، ومعتقدات مختلفة". 

وقال إنه طرح قضية حقوق النساء والفتيات في جميع لقاءاته مع المسؤولين في أفغانستان، وأضاف: "أعتقد أنه يمكننا إحراز تقدم في هذه القضية إذا تعاملنا معها بهذه الروح".