Breadcrumb

بعد رفع العلم السوري ذي النجمات الثلاث بمقر الأمم المتحدة، مجلس الأمن يبحث الوضع في سوريا

وقد شهد الشيباني - قبل اجتماع المجلس مع عدد من الدبلوماسيين والمبعوث الأممي غير بيدرسون - رفع العلم السوري ذي النجمات الثلاث بين أعلام الدول الأعضاء في المقر الدائم للأمم المتحدة في نيويورك.
الأمم المتحدة تحث على دعم الانتقال السياسي في سوريا
أكد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون أهمية دعم الانتقال السياسي في سوريا. وقال إن مشاركة الوزير السوري الشيباني في جلسة مجلس الأمن اليوم تعكس التطورات المهمة التي شهدتها سوريا في الأشهر الأخيرة. وأعرب عن تقديره لالتزامه بتعزيز الاستقرار الإقليمي والمشاركة البناءة على المستوى الدولي.
لم تمض سوى أربعة أشهر ونصف على سقوط النظام السابق، وبداية فصلٍ جديد في تاريخ سوريا، لكن بيدرسون قال إن الكثير قد تحقق مما يستحق الإشادة والدعم، "لكن لا تزال التحديات هائلة، ولا يزال الوضع هشا للغاية. فهناك حاجة إلى مزيد من الشمول السياسي، ومزيد من العمل على الصعيد الاقتصادي".
وأشار إلى أنه بحدوث تغيير جذري في هذين العنصرين، يُمكن للانتقال السياسي في سوريا أن ينجح. "وبدونهما، فإنه على الأرجح لن يُكتب له النجاح، بما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة".
وأكد أن الأمم المتحدة تعمل على تسهيل ودعم عملية بقيادة وملكية سورية، وفقا للتفويض الممنوح من قـرار مجلس الأمن رقم 2254، معربا عن أمله في أن يواصل المجلس دعمه أيضا لتلك العملية.
رغبة قوية في نجاح الانتقال السياسي
وحيّا بيدرسون الشعب السوري الذي قال إنه يظهر بوضوح - في خضمّ المعاناة المستمرة، والشكوك والمخاطر الكثيرة - رغبته الشديدة في إنجاح هذا الانتقال السياسي، "فالإرث الثقيل من سوء الحكم، والصراع، والانتهاكات، والفقر الذي تسعى سوريا للتخلص منه هو من أصعب ما واجهته أي دولة أو أي شعب في أي مكان في العصر الحديث".
وأكد أن العناصر الأساسية لمعالجة هذه الهشاشة واضحة وهي شمول سياسي حقيقي يُمكّن جميع السوريين من المشاركة الفاعلة في رسم مستقبل البلاد السياسي؛ بالإضافة إلى مكافحة التطرف والإرهاب؛ ودعم حقيقي من المجتمع الدولي لإتاحة الفرصة لإنجاح هذا الانتقال رغم كل المصاعب.
الانتقال في مفترق طرق
من ناحية أخرى، قال بيدرسون إن الانتقال السياسي في سوريا "يمُرّ بمنعطف حرج"، مشيرا إلى أن الإعلان الدستوري ساهم بشكل جزئي في ملء الفراغ القانوني الذي كان قائما قبل صدوره. وانتقلت سوريا من حكومة تصريف أعمال إلى "حكومةٍ جديدة موسعة وأكثر تنوعا".
ومع ذلك، يقول بيدرسون إن هذا الإطار لا يزال يفتقر إلى الشمول الكامل للانتقال السياسي. "وهو ما يترك الكثير من السوريين غير واثقين من مكانهم في سوريا الجديدة الناشئة. فهناك تركيز للسلطة، ولا تزال خطط إرساء سيادة القانون، وعقد اجتماعي جديد، وانتخابات حرة ونزيهة في نهاية المطاف، غير واضحة المعالم".
وأضاف أن العديد من النساء يشعرن بالقلق إزاء التوجهات المجتمعية والسياسية – "فلا توجد سوى امرأة واحدة من بين 22 وزيرا في الحكومة الحالية. ولا يزال العديد من مكونات سوريا يعانون من آثار العنف الذي جرى في الساحل في مارس/آذار، والذي أثّر سلبا على بناء الثقة".
وأعرب عن تقديره للنقاش "الصريح والموضوعي" الذي قال إنه أجراه حول هذه التحديات مع الرئيس المؤقت أحمد الشرع في دمشق قبل نحو أسبوعين، بناء على عدة اجتماعات عقدها معه.
على صعيد آخر، حذر بيدرسون من أن "الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة لسيادة سوريا وسلامة أراضيها تقوض عملية الانتقال". وشدد على ضرورة أن تتوقف الهجمات الإسرائيلية.
كما جدد نداءه إلى الاحترام الكامل لاتفاق فض الاشتباك بين القوات لعام 1974، داعيا مجلس الأمن إلى أن يُلزم إسرائيل بما تعهدت به من عدم السعي لتحقيق مكاسب إقليمية في سوريا. "فيجب على إسرائيل الانسحاب واحترام سيادة سوريا، وسلامة أراضيها، ووحدتها، واستقلالها".
سوريا
قال وزير الخارجية السوري المؤقت أسعد الشيباني إن علم بلاده الذي رفع اليوم في المقر الدائم "ليس مجردَ رمز، بل هو إعلان لوجود جديد نبع من رحم المعاناة، ويجسد مستقبلا ينبثق من الصمود، ووعدا بالتغيير بعد سنوات من الألم ".
وأضاف أن قصة بلاده اقترنت لعقود من الزمن "بقسوة نظام الأسد، الذي لم تتسبب أفعاله في مآس إنسانية عميقة للشعب السوري فحسب"، بل أتاحت "لقوى مزعزعة للاستقرار أن تنبت في تراب وطننا".
وأكد أن سوريا بدأت أخيرا "تلتقط أنفاسها" بعد 50 عاما من القمع، وفتحت أبوابها للعالم، بما في ذلك من خلال منح المنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان الوصول إلى أراضيها.
وقال إن السوريين والسوريات حققوا "المستحيل" في الأشهر الأربعة الماضية من خلال تعاون غير مسبوق فيما بينهم، بما في ذلك الحفاظ على مؤسسات الدولة، وتشكيل الحكومة الانتقالية، وتوحيد الفصائل العسكرية، التي انحلت "جميعا دون استثناء"، وبدء خطوات دستورية نحو إصلاح حقيقي. كما تم إطلاق حوار وطني "اجتمع فيه – لأول مرة – ما يقارب ألف سوري في القصر الرئاسي".
وتطرق السيد الشيباني إلى الأحداث المأساوية التي شهدها الساحل السوري الشهر الماضي، وقال إن "فلول النظام حاولت إشعال حرب أهلية من خلال ارتكاب مجازر مروعة بحق عدد كبير من عناصر الأمن والمدنيين".
وأكد أن حكومته قامت بإنشاء لجنة للسلم الأهلي ولجنة لتقصي الحقائق لمحاسبة المنتهكين، وأرسلت المساعدات الإنسانية إلى المدنيين في قاعدة حميميم وهي على استعداد "لمنح كافة الالتزامات لعودتهم إلى منازلهم قريبا".
وقال إن السلطات الانتقالية ستعلن عن هيئة للعدالة الانتقالية، وهيئة للمفقودين السوريين، وعن "خطوات جادة لتشكيل برلمان وطني يمثل الشعب السوري".
إلا أن الوزير السوري أكد أن العبء الناجم عن العقوبات على بلاده تهدد استقرارها، وقال إن هذه الإجراءات "التقييدية التي فرضت على نظام سابق بائد، تمنع رؤوس الأموال والخبرات من الدخول، فيما تتيح للشبكات غير المشروعة أن تزدهر".
وقال إن من يطالبون بالمزيد من سوريا، "هم أنفسهم الذين يصرّون على الإبقاء على العديد من العقوبات ضدها"، ومشددا على أن رفعها "يمكن أن يكون خطوة حاسمة تساهم في تحويل سوريا من بلاد عرفت بماضيها المظلم، إلى شريك نشط وقوي في السلام والازدهار والاقتصاد الدولي. فاستقرار سوريا لا يمسّنا فقط كسوريين، بل يمسّ استقرار المنطقة بأسرها".
خطر تلاشي الأمل

من جانبها، قالت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، إن التحديات المعقدة التي تواجه سوريا تحدث في ظل "واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم"، حيث يعاني ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان من العوز، ويواجه أكثر من نصفهم انعدام الأمن الغذائي، ولا يزال هناك حوالي سبعة ملايين نازح في البلاد.
وفيما رحبت بالانخفاض الكبير في الأعمال العدائية، أكد السيدة مسويا على ضرورة التركيز بشكل واضح على "تهدئة الصراع حيثما يستمر وضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية".
وقالت إن تحسن الوضع الأمني في أجزاء من محافظة حلب وشمال شرق سوريا في الأسابيع الأخيرة - عقب الاتفاقات التي تم التوصل إليها بين السلطات الانتقالية وقوات سوريا الديمقراطية – كانت له فوائد ملموسة للمدنيين، بما في ذلك العمل الذي تقوم به اليونيسف وشركاء آخرون لتوسيع إمدادات الطاقة من سد تشرين.
إلا أنها أشارت إلى استمرار ورود تقارير عن حوادث تؤثر على المدنيين في المناطق الساحلية، على الرغم من التحسن الملحوظ في الوضع الأمني هناك، واستمرار الغارات الجوية الإسرائيلية والتوغلات في المحافظات الجنوبية، مما أسفر عن سقوط ضحايا مدنيين في بعض الحوادث.
سلّطت المسؤولة الأممية الضوء على المساعدات الحيوية التي تقدمها المنظمة وشركاؤها لملايين الأشخاص شهريا، بما في ذلك المساعدات الصحية والغذائية والمأوى، وإزالة الذخائر غير المنفجرة، من بين خدمات أخرى.
وقالت إن المجتمع الإنساني يواصل اتباع جميع السبل المتاحة لتقديم المساعدة بأقصى قدر ممكن من الكفاءة، إلا أنها شددت على الحاجة الماسة إلى مزيد من التمويل لاستدامة هذا العمل، "ناهيك عن توسيع نطاقه".
وأضافت: "حتى الآن، تلقينا 186 مليون دولار أمريكي - أي أقل من 10% من متطلبات النصف الأول من عام 2025. وهذا لا يزال يُترجم إلى عواقب وخيمة على استجابتنا".
وأشارت السيدة مسويا إلى أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تتوقع تقليص فريقها في سوريا بنسبة 30%، وأن 122 من مراكزها المجتمعية ستُغلق بحلول الصيف دون تمويل، "في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى دعم عودة اللاجئين".
وأضافت أن برنامج الأغذية العالمي حذّر من حاجته إلى 100 مليون دولار لتجنب انقطاع المساعدات الغذائية في آب/ أغسطس، وأن العديد من المنظمات غير الحكومية - وخاصة في شمال شرقي سوريا - تواجه نقصا مُقلقا للغاية في الموارد.
وشددت السيدة مسويا على ضرورة الحفاظ على "زخم الاستثمار" في تعافي سوريا وتنميتها. وقالت: "بدون ذلك، سيتجاوز حجم الاحتياجات الإنسانية قدرتنا على الاستجابة لها بكثير. وملايين اللاجئين والنازحين داخليا الذين أعربوا عن رغبتهم في العودة إلى ديارهم سيظلون مترددين بسبب نقص الخدمات الأساسية وفرص كسب الرزق، والأمل في اغتنام هذه الفرصة الحاسمة لبناء مستقبل أكثر ازدهارا معرض لخطر التلاشي".
الولايات المتحدة الأمريكية
القائمة بأعمال بعثة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا أعربت عن أملها في أن يمثل تشكيل الحكومة المؤقتة خطوة إيجابية، وقالت "نتوقع أن نرى إجراءات إضافية وتعيين أفراد أكثر تأهيلا وتمثيلا للخدمة في مناصب مهمة".
وأضافت قائلة: "كما أوضحنا مرارا وتكرارا، إننا سنحمل السلطات السورية المؤقتة المسؤولية عن الخطوات التالية: نبذ الإرهاب وقمعه تماما، وتبني سياسة عدم الاعتداء على الدول المجاورة، واستبعاد المقاتلين الإرهابيين الأجانب من أي أدوار رسمية، ومنع إيران ووكلائها من استغلال الأراضي السورية، وتدمير أسلحة الدمار الشامل، والمساعدة في استعادة المواطنين الأمريكيين المختفين في سوريا، وضمان أمن وحريات جميع السوريين".
وقالت إن الشعب السوري يستحق أيضا قيادة شفافة ومسؤولة وملتزمة تماما بمستقبل أكثر سلاما وازدهارا بعد "54 عاما من الحكم المدمر في ظل نظام الأسد".
وأشارت إلى إعلان بلادها أنها ستعزز قواعدها العسكرية في سوريا، مشيرة إلى أن هذا القرار يعكس "التقدم الكبير الذي أحرزته الولايات المتحدة مع شركائنا .... بشأن خفض قدرة داعش العملياتية على الصعيدين الإقليمي والعالمي".
روسيا
شدد الممثل الدائم لروسيا لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا على ضرورة ألا تبقى الدعوات إلى احترام وحدة أراضي سوريا وسيادتها "مجرد شعارات جوفاء"، وأن تلتزم بها عمليا جميع الدول، بما في ذلك جيران سوريا.
وشدد على أهمية ضمان عودة إسرائيل إلى تنفيذ اتفاق فك الاشتباك لعام 1974، وتوقفها عن قصف الأراضي السورية وسحب قواتها من البلاد، "خاصة وأن دمشق أكدت مرارا وتكرارا استعدادها لبناء علاقات بناءة مع جميع جيرانها دون استثناء".
وأشار نيبينزيا إلى أن المناطق الساحلية في سوريا لم تتعافَ بعد من الأحداث المأساوية الأخيرة، وقال إن نتائج عمل لجنة التحقيق وتقصي الحقائق "سيشكل أساس العلاقات المستقبلية بين دمشق والمجتمع العلوي، وكذلك الأقليات العرقية والدينية الأخرى".
وأكد السفير الروسي أنه لا بديل عن عملية سياسية شاملة، بقيادة جميع السوريين وبدعم من الأمم المتحدة، وأضاف: "سوريا التي لا تشعر فيها كل مجموعة عرقية أو دينية بالقمع أو التهميش، وتحصل فيها على تمثيل مناسب في هياكل الأمن والسلطة، ستكون منيعة ضد أي محاولات لتقويض سيادتها أو سلامة أراضيها".
وقال إنه لا يمكن أن يكون هناك مكان في البلاد "للمقاتلين الإرهابيين الأجانب الملطخة أيديهم بالدماء والذين لا علاقة لهم بالشعب السوري".
الجزائر
المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع رحب بالإعلان الأخير عن تشكيل حكومة انتقالية جديدة من قبل السلطات المؤقتة.
وأكد باسم مجموعة A3+ (الجزائر، غيانا، سيراليون، الصومال) أن المجموعة تتطلع إلى الخطوات اللاحقة التي من شأنها أن تساعد في ضمان عملية سياسية شاملة، مشيرا إلى أن تحقيق سلام مستدام يتطلب إشراك جميع مكونات المجتمع السوري.
وأكد دعمه الثابت لوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها. وفي هذا السياق، أعرب بن جامع عن قلق المجموعة البالغ إزاء "الهجمات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لسيادة سوريا".
وقال إن المجموعة تدين بشدة هذه "العملية العسكرية التي تنتهك القانون الدولي"، بما في ذلك مواثيق الأمم المتحدة، ولا سيما المادة 2 التي تحظر التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد سلامة أراضي سوريا أو استقلالها السياسي.
ودعا السفير الجزائري إلى الامتثال الكامل لاتفاق فض الاشتباك لعام 1974. وعلاوة على ذلك، حث على وقف فوري للتوغلات الإسرائيلية في الأراضي السورية والانسحاب الكامل لقواتها، مؤكدا أن مرتفعات الجولان "تظل سورية بموجب القانون الدولي".
الصين
الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة السفير فو كونغ قال إن بلاده تولي اهتماما كبيرا لتطور الوضع في سوريا وتأمل، بصدق، أن تستعيد سوريا الاستقرار في أسرع وقت ممكن وتشرع في طريق السلام والتنمية.
وأضاف أن الصين تتطلع إلى انتقال سياسي واسع وشامل في سوريا، وأعرب عن أمله في أن تحقق الأطراف المعنية المصالحة من خلال الحوار والتشاور وإيجاد خطة إعادة إعمار تتماشى مع إرادة الشعب.
وقال السفير فو كونغ إن بلاده "انتهجت، منذ فترة طويلة، سياسة التعاون الودي مع سوريا، ولم تتدخل أبدا في الشؤون الداخلية لسوريا، وتحترم دائما خيار الشعب السوري". وأكد الاستعداد للعمل مع المجتمع الدولي لمواصلة تعزيز السلام والاستقرار على المدى الطويل في سوريا واستعادة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.
وأعرب السفير الصيني عن إدانة بلاده الشديدة "للضربات الجوية الإسرائيلية المتكررة على جنوب سوريا"، مشددا على ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، وأشار إلى أن المجتمع الدولي يعترف بمنطقة الجولان على أنها أرض سورية محتلة، داعيا إلى احترام اتفاق فض الاشتباك لعام 1974.